يصطدم المد الهولندي مجدداً بدفاع صلب يجسّده منتخب كوستاريكا في ربع نهائي مونديال البرازيل 2014 لكرة القدم، اليوم، في سالفادور دي باهيا. ويدرك المنتخب البرتقالي جيداً ملعب "أرينا فونتي نوفا" الذي شهد سحقه لمنتخب إسبانيا حامل اللقب 5-1 في افتتاح مبارياته في المجموعة الثانية في 13 يونيو الماضي.
وستكون المباراة الأخيرة على ملعب "فاتح للشهية" على تسجيل الأهداف، إذ اهتزت شباكه 24 مرة في خمس مباريات، لكن "أرين روبن" و"روبن فان بيرسي" قائدا الهجوم الأقوى في النهائيات (12 هدفاً في أربع مباريات مقابل 5 لكوستاريكا)، سيتواجهان مع الدفاع الأصلب (هدفان في أربع مباريات مقابل 4 لهولندا)، وحارسه الخارق "كيلور نافاس".
لكن "روبن" و"نافاس" يخوضان المواجهة بعد أزمتين مختلفتين، فالأول واجه حملة ضخمة لاعترافه بالغطس في مباراة المكسيك ضمن الدور الثاني من دون أن يعرّضه ذلك لعقوبة الاتحاد الدولي، والآخر تعرّض لإصابة في كتفه قد تهدّد مصير مشاركته أمام فريق المدرب لويس فان جال.
وأصيب "نافاس" بطل الركلات الترجيحية أمام اليونان في الكتف، ولكن ذلك لن يمنعه من المشاركة، إذ قال "إريك سانشيز" معالج المنتخب القادم من وسط أميركا إن إصابة "نافاس" تتطلب الكثير من الحذر، ولكن هذا لا يعني أنه لن يشارك اليوم.
وتخطّت هولندا، وصيفة 2010، المكسيك بشبه معجزة (2-1) في ثمن النهائي، فعندما كانت في طريقها للعودة إلى أمستردام لتخلفها بهدف "جيوفاني دوس سانتوس" حتى الدقيقة 88، استفاد "فان جال" من وقتٍ مستقطعٍ لتبريد اللاعبين فغيّر تكتيكه؛ ما فتح الباب لتسجيل هدفين قاتلين عبر "ويسلي شنايدر" و"كلاس يان هونتيلار" من ضربة جزاء، فحققت فوزها الرابع على التوالي، حيث سجّلت هدفين على الأقل في المباراة وهو إنجاز تتقاسمه مع كولومبيا، كما أنها قلبت تأخرها للمرة الثالثة في النهائيات الحالية بعد مباراتي إسبانيا وأستراليا.
وهذه هي المرة السادسة التي بلغ فيها منتخب الطواحين الدور ربع النهائي بعد 1974 و1978 و2010 عندما وصل إلى النهائي، و1994 عندما خرج من الدور ذاته و1998 عندما خرج من دور الأربعة أمام البرازيل.
ويصر "فان جال" على أن هولندا المصنّفة 15 عالمياً لن تستخف بكوستاريكا المصنفة 28: "دعوني أقول لكم شيئاً: الإعلام الهولندي لم يتوقع أن نتخطى الدور الأول، فكيف أصبحنا الآن مرشحين للفوز على كوستاريكا، لا أعلم ذلك، لاعبو فريقي متواضعون، روح الفريق رائعة، والأجواء ممتازة وهذا ما قادنا إلى الفوز، كوستاريكا خصم صعب، والا لما نجحوا بالتأهل إلى ربع النهائي".
وقفت البلاد المنخفضة ثلاث مرات عند حاجز النهائي، فخسرت أمام مضيفتها ألمانيا الغربية 1-2 في زمن "الطائر" يوهان كرويف عام 1974، ثم النهائي التالي على أرض الأرجنتين 1-3 بعد تمديد الوقت في 1978، قبل أن تتخطى البرازيل في ربع نهائي النسخة الماضية ويقهرها أندريس أنييستا في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي مانحاً إسبانيا لقبها الأول.
أما كوستاريكا التي لم يرشحها أحد للعب دور الحصان الأسود؛ نظراً لرفعة مستوى المنتخبات التي وقعت في مجموعتها، فعانت كذلك بعد فوزها بعشرة لاعبين على اليونان 5-3 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1.
وكانت كوستاريكا على وشك حسم المباراة في وقتها الأصلي قبل ان تسجل اليونان هدفاً قاتلاً اجل الحسم الى ركلات الترجيح، حيث تابع "نافاس" تألقه وقاد منتخب بلاده الى دور الثمانية.
وأكدت كوستاريكا تميزها الدفاعي في النهائيات حيث اهتزت شباكها بهدفين في اربع مباريات، الأول من ركلة جزاء للأوروغوياني "أدينسون كافاني" والثاني عن طريق اليوناني "سقراطيس باباستاتوبولوس" في الوقت القاتل من مواجهة ريسيفي.
وقال المدرب الكولومبي لكوستاريكا "خوسيه لويس بينتو" عن مباراة هولندا: "سنواجه فريقاً رائعاً لكننا سعداء بذلك، لا أعرف إلى أي حد يمكننا الذهاب، نحن نحترم هولندا لكننا نريد الفوز، وسنعطي كل شيء لتحقيق ذلك لأننا نعيش لحظة لا تتكرر مراراً في الحياة، ونعرف أن لديهم فريقاً ذات مستوى عالمي لذا يجب علينا أن نعطي أقصى ما لدينا".
وتبدو الأجواء الاحتفالية لمونديال البرازيل قد تركت أثرها على النفوس في المنتخب الهولندي الذي يعيش بوئام تام في أجواء ريو دي جانيرو وعلى شواطئها، اذ اعتاد الهولنديون المشكلات في معسكرهم في غالبية البطولات التي يشاركون بها، فقال "شنايدر" الذي خاض مباراته ال 15 في العرس العالمي وبات اكثر اللاعبين الهولنديين مشاركة في المونديال: "مقارنة بالأجواء التي عشناها في كأس أوروبا 2012، فكأنك تقارن النهار بالليل. لديّ انطباع باننا نعيش مجدداً مونديال 2010".
وأضاف "شنايدر" الذي سجّل في مرمى المكسيك هدفه السادس في كأس العالم، وبات ثاني أفضل هداف هولندي بعد "جوني ريب" (7 اهداف) بالتساوي مع "دنيس بيركامب" و"روبي رنسنبرينك" و"روبن": "كنت متخوفاً قبل البطولة، لكن سرعان ما اختفت هذه المخاوف، هذه المجموعة تعيش بتناغم جيد، الأجواء ممتازة"، فيما رأى ديرك كاوت الذي ضحى من أجل الفريق بشغل مراكز متعددة أن "وجود الزوجة بشكل منتظم يلعب دوراً مهماً جداً".
وستفتقد هولندا لقوة ضاربة في وسطها، اثر إصابة "نايجل دي يونج" بتمزق عضلي في مباراة المكسيك، وسيغيب بالتالي لفترة تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع".
وفي ظل غياب "دي يونج"، يمكن ل"فان جال" الاعتماد على المدافع "دالي بليند"، نجل اللاعب الدولي السابق "داني بليند" والمرشح لقيادة هولندا في المستقبل، كما يملك جوناثان دي جوزمان وليروي فير الغائب عن مباراة المكسيك بسبب الإصابة.
وكان "فان جال" قد قام بتبديل مفاجئ في مباراة المكسيك عندما استبعد الجناج الأيمن داريل يانمات الأساسي في اول ثلاث مباريات لحساب "بول فرهايج"، لكن يانمات المتفاجئ لغيابه يأمل استعادة ثقة مدرب مانشستر يونايتد الإنجليزي المقبل: "كانت ضربة لم أتوقعها، سأتابع تماريني بقوة واذا احتاجني المدرب سأكون جاهزاً، الفريق يأتي أولاً، نحن هنا لمهمة واحدة: الفوز بكأس العالم".
أما كوستاريكا البلد الصغير العاشق للكرة الذي يعتمد على براعة لاعب الوسط "براين رويز" ومهاجم أرسنال الإنجليزي "جويل كامبل" المعار الموسم الماضي إلى أولمبياكوس اليوناني، فسيفتقد لقلب دفاعه "أوسكار دوارتي" المطرود في مباراة اليونان، إضافة الى "روي ملر" المصاب.
وتشهد المباراة مواجهة بين "روبن" نجم بايرن ميونيخ الألماني و"كريستيان غومبوا" صاحب التدخلات الأرضية القوية، ومواجهة بين "فان بيرسي" الذي قدم مباراة عادية أمام المكسيك بعد إيقافه ضد تشيلي وتسجيله ثلاثة أهداف في اول مباراتين مع "جانكارلو جونزاليس"، كما تشهد المباراة أيضا مواجهة بين "كريستيان بولانيوس" في الوسط و"يانمات" في حال اختياره أساسيا.