دعا مستشار في التخطيط الإعلامي والتطوير وزارة الصحة إلى تغيير جذري في استراتيجيتها الإعلامية، التي أسهمت - على حد وصفه - في الانتقال السريع ل" كورونا" من مستوى الحدث إلى الأزمة، وهو ما تكرر في حادثة "رهام" و"الضنك و"المتصدع"، ويجاريه بالتوازي الانتقال النفسي من حالة الترقب للحدث إلى حالة الخوف والهلع. وفي التفاصيل، قال الدكتور سلطان الحمزي: "التباطؤ والتردد أو التأخر والتكتم عمداً في المواكبة الإعلامية لأي حدث من قِبل الجهة المعنية يمنح الشائعات مناخاً خصباً حد تحولها إلى مؤشر للحقيقة؛ الأمر الذي يجعل وعي الجمهور متشبعاً بمعلومات غير دقيقة، وتصبح مانعاً لقبول المعلومات الصادقة حال صدورها من المصدر، وهو ما حدث في أزمة كورونا". واعتبر في تصريح خاص إلى "سبق" قرار تكليف وزير العمل بمهام وزير الصحة "فرصة ثمينة للدفع باتجاه استحداث استراتيجية إعلامية جديدة نظراً إلى أن الجمهور سيتعامل مع هذا التغيير بذهنية مفتوحة - على المدى القصير- قائمة على الترقب للتغييرات التي ستواكب الوزارة على مستويي التعامل الإجرائي مع الفيروس والاستراتيجية الإعلامية ".
وأضاف "إن تلك الاستراتيجية يجب أن تتصالح أولاً مع الجمهور، وتبني جسور الثقة معه، على ألا تتجاهل سنوات من الأحداث التي ارتبطت بوعيه، خاصة أنه يتم استدعاؤها مع كل حدث جديد، ولا تستقل ذكاء المتلقي ووعيه الكبير في ظل ثورة الاتصالات ".
وتابع "لا أعتقد أن نتائج ذلك قد تظهر قريباً؛ لأن ترميم الصورة الذهنية أصعب بمراحل من البناء الجديد، لكن ذلك لا يعني البقاء في موقف المتفرج بل يجب أن يبدأ المخططون في دراسة عميقة لمدى تضرر صورة الوزارة في ذهنية الجمهور، وبناء الخطة الحازمة للترميم، إضافة لإجراءات سريعة وآنية تتعلق بالشفافية والدقة والسرعة، وترك موقع الدفاع الذي حشرت الوزارة نفسها فيه منذ زمن إلى القيام بدورها بوصفها مصدراً وحيداً معنياً بإعطاء المعلومة حال ورودها للوسائل الإعلامية ".
وأشار الحمزي إلى "أن تلكؤ الوزارة في تعاملها الإعلامي مع كورونا حين كان حدثاً هز موقعها، بوصفها مصدراً وحيداً للمعلومة، في ذهنية الجمهور المتلقي، ولدى الوسائل الإعلامية على حد سواء؛ ما دفع بهما إلى البحث عن المعلومات التي يمكن (تصديقها) لدى مصادر أخرى، سواء إعلامية أو فردية ".
وفي الوقت ذاته، اعتبر ذلك السلوك نابعاً من اعتقاد البعض أن المعلومة ملكه، وأن تأخيرها قد يسهم في تغيير المشهد لصالحه. وأضاف "الحقيقة أن المعلومة كالطائر الذي يعبر الأجواء دون أن يحس به أحد، ومتى ما خرجت من إطار المصدر المفترض إلى الفضاء أضحت ملك الجميع، يعرضونها كما تملي عليهم عقولهم ومشاعرهم في آن؛ وبالتالي تتراكم الشائعات، ويتحول الأمر من إطار مصدر للمعلومة وجمهور إلى معلومة في مواجهة معلومة أخرى، والجمهور المتشكك يقارن بينهما، مع الأخذ في الاعتبار أن اهتزاز مصداقية وزارة الصحة لدى الجمهور جعله يصدق المعلومات التي تأتي من أطراف ومصادر أخرى ".
ولفت إلى أن "العلاقات العامة الحديثة جعلت الجمهور الهدف الأول والأخير في عملية الاتصال؛ لذلك يزداد الاهتمام يوماً بعد آخر بعقلية المتلقي ونفسيته والمؤثرات التي يتعرض لها، سواء بيئية أو اجتماعية أو ثقافية أو تكنولوجية، وهو ما ينعكس تحديداً دقيقاً لهدف الرسالة وجغرافية الجمهور ومستويات المنطق التي ستتعامل معها الرسالة، وعليه يتم اختيار الوسيلة الإعلامية المناسبة، وبناء على ذلك كله يتشكل مضمون الرسالة".
وختم بالقول: "ما زال القصور في فَهم مهارات العلاقات العامة الحديثة سيد الموقف، وهو ما ينعكس سلباً على علاقة قطاعات خدمية مهمة بالجمهور".