على مدى ثلاث سنوات، ظل سكان المحافظات السورية المطلّة على ساحل البحر المتوسط يتابعون من ملاذهم الآمن الحرب الأهلية المستعرة في المناطق البعيدة عن الساحل، وهي تمزق أوصال البلاد وتقتل عشرات الآلاف وتدمر مدناً لها تاريخ عريق. لكنّ هجوماً بدأه قبل ثلاثة أسابيع مقاتلو المعارضة في شمال محافظة اللاذقية، معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد، قرب المعركة، شيئاً فشيئاً وبدّد ذلك الإحساس بالأمن النسبي.
نيران بميناء اللاذقية: فالقتال يدور الآن في التلال المطلة على البحر ليصبح ميناء اللاذقية الرئيس في مرمى نيران مقاتلي المعارضة، وتشعر منطقة الساحل السوري بأنها تتعرض لخطر حقيقي. وقبل شهر واحد سقط ثمانية قتلى في قصف صاروخي على المدينة.
ورغم أن الأسد- الذي يعيش في دمشق على مسافة 300 كيلومتر إلى الجنوب- يبدو أكثر ثقة في الصمود والبقاء؛ فقد فرضت تقلبات الحرب الأهلية، بما تحمله في طياتها من فوضى، نفسَها حتى على أكثر الأماكن أمناً في البلاد، بينما ظل البحث عن الجواسيس والخونة والخسائر في صفوف المُوالين للأسد يعكر الحياة اليومية.
مواكب الجنازات: وحتى قبل أن تصل أصداء القصف إلى المدينة الوادعة، كان ثمن الحرب جلياً من مواكب الجنازات اليومية للقتلى من الجنود ورجال الميليشيا المؤيدة للأسد.
وبدأ القتال: الذي جلب الخوف معه إلى اللاذقية، قبل ثلاثة أسابيع، عندما دخل مقاتلو المعارضة من تركيا واستولوا على المعبر الحدودي عند قرية كسب، التي يسكنها مسيحيون من الأرمن، وهي آخر معبر حدودي من تركيا إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية.
واستولى المقاتلون أيضاً على شاطئ صغير على مقربة؛ ليصبح لهم أول موطئ قدم على ساحل البحر المتوسط، الذي يمتد مسافة 250 كيلومتراً، وهي خطوة رمزية؛ إذ لا تمثل مكسباً عسكرياً ذا بال. وخاض مقاتلو المعارضة قتالاً ضد قوات الأسد للسيطرة على تلال المدينة، والتي تشمل موقعاً لاتصالات الأقمار الصناعية يعرف باسم نقطة المراقبة 45.
ويقول سكان مدينة اللاذقية- وقد انتابهم التوتر-: إن نيران المدفعية الثقيلة يمكن أن تصيبهم بكل سهولة من ذلك الموقع.