أكد نائب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور فهد بن سلطان السلطان، أن الانتماء والحماس الرياضي والمنافسة أمور مقبولة وطبيعية في المجال الرياضي، غير أن السجالات والتراشق الإعلامي في وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو في ساحات الملاعب الكروية، سواء من الإعلاميين أو من الجماهير، سيؤدي إلى تزايد ظاهرة "التعصب الرياضي"، وخروجها عن السياق الطبيعي للتنافس. جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بالتعاون مع رابطة دوري المحترفين وبمشاركة نخبة من الإعلاميين والمهتمين، تحت عنوان "التعصب الرياضي على طاولة الحوار لمعالجة الظاهرة ومحاصرة تداعياتها".
وأكد عدد من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الرياضي، أن ارتفاع سقف الحرية في الطرح الإعلامي الرياضي، وغياب تطبيق الضوابط والقوانين الرادعة، أسهما في استشراء "التعصب الرياضي"، في الوسط الرياضي وخروجه عن الثوابت الوطنية.
وطالب الإعلاميين، في اللقاء الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، في مقر أكاديمية الحوار للتدريب واستطلاعات الرأي بالرياض، بإعادة دراسة المشكلة ووضع حلول تشارك فيها جميع الجهات المعنية وذات العلاقة.
وأوضح "السلطان"، في كلمته الافتتاحية للقاء أن هذه الورشة، هي نواة لما هو قادم ومعد بخصوص الحوار الرياضي، حيث يسعى المركز- بإذن الله- لإطلاق حقيبة تدريبية رياضية متكاملة، لتعزيز المشاركة المجتمعية في محاربة الظواهر السلبية في المجتمع، ومن ضمنها التعصب الرياضي والاحتقان الناتج عنه.
وبيّن "السلطان" أن المركز يعمل حالياً على إبرام مذكرة تفاهم وشراكة مع رابطة دوري المحترفين، لتنفيذ عدد من المشاريع الحوارية المشتركة، ومنها برامج تدريبية في الملاعب والأندية، وبرامج تدريبية للمهتمين والمتعاملين مع الشأن الرياضي؛ لتعزيز ثقافة الحوار والوسطية والاعتدال بين الرياضيين والشباب في المجتمع السعودي.
ودعا نائب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، المشاركين إلى الإسهام بأفكارهم ورؤاهم للعمل مع المركز لتطويق ظاهرة "التعصب الرياضي"، وتداعياتها على الوسط الرياضي والمجتمع بشكل عام، مشيراً إلى أن الرياضة تأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامات أفراد المجتمع، وأن تعاون المركز مع الجهات ذات العلاقة بالشأن الرياضي، سيُسهم في نشر ثقافة الحوار وترسيخ مفاهيمه وقبول الرأي الآخر بشكل أوسع.
وتضمنت الورشة، ثلاثة محاور رئيسة، الأول يناقش ظاهرة التعصب الرياضي، وأسباب التعصب ودوافعه، ومن المستفيد من تنامي هذه الظاهرة وهل هم أفراد أم جهات، ومظاهر التعصب المنتشرة، والفئة العمرية التي ينتشر بها التعصب.
ويختص المحور الثاني بالإعلام الرياضي، ودور الإعلام في محاربة الظاهرة أو تأجيجها، ولماذا تحول الإعلام الرياضي من المهنية للميول، والإعلام الجديد وأثره، وعلاقة البرامج الرياضية المتنوعة بظاهرة التعصب، فيما خُصِّص المحور الثالث لمناقشة الحلول والمقترحات، وكيفية محاصرة الظاهرة إعلامياً ومجتمعياً، وماذا يريد الإعلاميون من مركز الحوار الوطني في معالجة هذه الظاهرة.
وناقش المشاركون تلك المحاور وقدموا العديد من الأطروحات والتجارب النظرية والعملية، التي مروا بها خلال سنوات عملهم في المجال، وأشار العديد منهم إلى أن غياب المنبر الحواري لهم في السنوات الماضية قلل من إمكانية طرح مثل هذا الأمر الذي يقلق الشارع الرياضي والمجتمع بشكل عام، وأن إعلان مركز الحوار الوطني عن تبنِّيه لهذه الخطوة ممثلاً في هذه الورشة وما سيعقبها من ورش اختصر الكثير، خاصة وأنه سيضفي على الموضوع طابع الرسمية؛ لكونه المركز الأول في إطلاق مشاريع الحوار.
وخرج المشاركون بالعديد من الرؤى والتصورات حيال الحوار الرياضي ودوره في محاربة ظاهرة "التعصب"، لعل أبرزها التأكيد على أهمية التخصص وأن انفتاح المجال الإعلامي بشكل عشوائي أسهم في تلوث المناخ الرياضي الإعلامي، كما اتفق أغلب المشاركين على أن محاربة التعصب تحتاج للوقت ولمشاركة العديد من الجهات، سواء الحكومية أو الخاصة للعمل معاً للقضاء على هذه الظاهرة، مؤكدين على أن مثل هذه الورش تدفع بذلك الاتجاه.
كما أكد المشاركون أن "التعصب" يعتبر ظاهرة عالمية وليست مقتصرة على مجتمعنا فقط، إلا أن النظام وغيابه هو ما يبرز هذه الظاهرة في مجتمعنا أكثر من الآخر.