خصصت مجلة البيان عددها الأخير عن جريمة الاعتداء على المسجد الأقصى وجرائم التطهير العرقي التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية في مدينة القدسالمحتلة. وأكدت المجلة في افتتاحيتها "أن القدس ليست مدينة عادية ككل المدن، وهي كذلك عند اليهود، إنها الأرض المقدسة المباركة (...)، وما كان مقدساً عند أناس لا يمكن أن يكون مجالا للتفاوض، ومن ثم فإن التفاوض بشأنها يكون من باب الخداع وتحيّن الظروف لحين التمكّن من حيازتها كاملة".
وعلى حد تعبير المجلة: "فإذا كان التفاوض بين طرفين أحدهما أشد قوة من الآخر وعنده إصرار، فليس للتفاوض من نتيجة سوى أن يحقق الطرف الأشد قوة كل أو معظم إرادته، ولا شك أن اليهود اليوم أقوى من العرب بسلاحهم وتدريباتهم، ويقف في صفهم العالم النصراني بقضه وقضيضه (...)، خاصة بعد تبنّي العرب مقولة السلام خيار استراتيجي",وتضيف المجلة "إن القدس لا تصلح أن تكون مجالاً للتفاوض، فالقدسوفلسطين كلها إسلامية ولا بد من عودتها كاملة لأصحابها، وليس من حق أي مسلم أن يتنازل عن شبر من أرض الإسلام للكفار".
وتناولت "البيان" فضل بيت المقدس في القرآن وسنة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وجاء أيضا في مقالة مطولة للشيخ عبدالعزيز آل عبد اللطيف بعنوان "القدس والأقصى في تراث أبي العباس"، "اتفق علماء المسلمين على استحباب السفر إلى بيت المقدس للعبادة المشروعة فيه، كالصلاة والدعاء والذكر وقراءة القرآن، والاعتكاف". واختتم الكاتب مقالته قائلاً: "فعلام العبرات تفيض والدموع تنهال لأجل الحنين والشوق إلى صلاة في المسجد الأقصى، ثم تنقبض الأيدي ويغلب الشح لأجل البذل والإنفاق في سبيل الله في ثغور غزة وسائر الشام؟!".
وتحدث الدكتور فيصل كاملي في مقالة بعنوان "القدس في ظل العلاقة اليهودية الرومية" عن التقارب اليهودي النصراني، مستدلا بعبارات قالها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لبابا النصارى "فرانسيس" قائلا: "إننا نرى فيك راعيا للسلام، وزعيما روحيا عظيما، وحمالا لرسالة السلام إلى هذه البلاد "فلسطين" والعالم أجمع".
وفي العدد أيضاً جاءت دراسة بحثية تحت عنوان "خطة تهويد القدس الكبرى للعام2020"، ذكر فيها الباحث كمال علاونهأن الأحزاب السياسية اليهودية تستخدم الحكومة وجماعات يمينية متطرفة لإعداد وتنفيذ مجموعة من البرامج والمشاريع الممولة بمئات الملايين من الدولارات لتهويد المدينة المقدسة وإخراج السكان العرب منها. وأضاف أن الحكومة الصهيونية تسعى لإسكان مليون يهودي في القدس الكبرى، والعدد الحالي بحسب الدراسة نصف مليون يهودي.
كما سعت الحكومة الصهيونية لإخراج السكان العرب من مركز المدينة من خلال جدار العزل اليهودي الذي نجح في إخراج 140 ألف مواطن مقدسي من المدينة المقدسة.
وفي مقالة أخرى احتوها العدد الأخير من مجلة البيان، تحدث الباحث في الشأن الصهيوني توفيق أبو شومر عن "الموقف الإسرائيلي من قضية القدس"، مشيراً إلى استغلال الحكومات الصهيونية المتعاقبة قرار التقسيم الصادر بتاريخ 29/ 11/ 1947 الذي نص آنذاك على تدويل القدس، لاعتبار أنها أصبحت بموجب القرار خارجة عن سلطة الدولة الفلسطينية.
واستغلت الأحزاب السياسية الصهيونية قضية القدس لتكون ساحة للمبارزة الحزبية في الانتخابات، هدفت إلى جعل القدس ملكا خالصا لليهود، ووضع أبرز ساسة الكيان من بينهم "بن غيريون" و"غولدامائير" و"آبا إيبان"، قوانين في سبعينيات القرن الماضي تجعل من القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني.
وفي مقالة للشيخ ناصر العمر جاءت بعنوان"أولى القبلتين من أولى قضايانا"، أكد فيها أن قضية القدس قضية كل مسلم ومسلمة، مضيفا أن جراحات المسلمين واحدة، وجماعتهم مثل الجسد الواحد. وذكر العمر قائلا: "إن فلسطين أرض المسلمين والمسجد الأقصى كذلك على مر التاريخ كان مسجد المسلمين من قبل أن يوجد اليهود".
وبيّن الداعية العمر الواجب المفروض على الأمة إزاء دعم المجاهدين وتثبيتهم، لاسيما في ظل الحصار الغاشم الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي عليهم.
كما جاء في العدد مقالة للكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور صالح النعامي، تحدث فيها عن "أسرلة القدس بعد تهويدها"، موضحا أن الاحتلال يسعى من خلال المخططات الاستيطانية المحيطة بالمدينة إلى أسرلة المدينة بعد نجاحه في تهويدها.
وحذر النعامي من وجود تنظيمات يهودية تعلن وبشكل رسمي سعيها لهدم المسجد الأقصى تمهيداً لبناء الهيكل المزعوم.
وفي حوار لمجلة "البيان" مع الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948م، أكد وجود عمليات تطهير عرقي تنفذها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في القدس. وأشار صلاح إلى عدة إجراءات إسرائيلية للتضييق على سكان العرب، منها فرض الضرائب الباهظة ومنعهم من بناء منازل جديدة ومصادرة المباني والعقارات العربية، كما تماطل الحكومة الصهيونية في منحهم حق المواطنة في بلادهم. وشدد صلاح على ضعف المواقف العربية إزاء نصرة القدس، مضيفا أن المواقف العربية أصبحت أضعف من بيانات الاستنكار التي تصدر بين الفينة والأخرى، مضيفا بأن مخطط "برافر" الذي تسعى الحكومة الصهيونية لتطبيق سيتسبب بهدم 40 قرية فلسطينية.
بدوره قال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد أبو حلبية، إن العدو الصهيوني يمعن ويتمادى في الاعتداء على المقدسات الإسلامية وسرقتها وطمس معالمها في محاولة لتحويلها لآثار يهودية.
وذكر أن سلطات الاحتلال شيدت 65 كنيسا يهوديا في محيط المسجد الأقصى على أنقاض أراضي الفلسطينيين، كما شرعت في بناء كنيس "فخر إسرائيل" الذي يعد أكبر وأعلى كنيس في العالم، ويقع في محيط حائط البراق.
وتضمن العدد مجموعة من الإحصائيات الرسمية حول الأحوال المعيشية والاجتماعية والاقتصادية في القدس. كما نشرت المجلة في عددها قصيدة للشاعر عبد الغني التميمي، جاءت بعنوان "القدس في خطر". واختتم العدد بمقالة أخيرة لرئيس التحرير الشيخ أحمد الصويان، بعنوان "لا يضرهم من خذلهم".. ذكر فيها "إن ثمة حقيقة لا ريب فيها، وهي أن هؤلاء المقادسة ابتلوا بخذلان وتثبيط كثير من إخوانهم، بل رأينا من يدفعهم دفعاً للاستسلام والرضوخ لليهود، بحجة الواقعية السياسية، وتوجهات المجتمع الدولي!".
ويختتم الصويان حديثه بالقول: "إن نصرة المسجد الأقصى ينبغي أن تكون مشروعاً للأمة بمجموعها، ومشروعاً شخصياً لكل مسلم، وحديث القناديل لم يترك عذراً لأحد ولو كان بشيء يسير كبعث زيت لإسراجها، وأحسب أن المقصود في إسراج قناديله، إحياء المسجد وتكريمه وعمارته والعناية به، والذب عن حرمته، حتى لا يهجره المصلون".