يدير مستشار الأمن القومي العراقي السابق موفق الربيعي ظهره لتمثال لصدام حسين التف حول رقبته الحبل الذي شُنق به، وهو يتذكر اللحظات الأخيرة قبيل إعدام ديكتاتور ظل متماسكاً حتى النهاية، بحسب قوله، ولم يعرب عن أي ندم. يروي الربيعي في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" نهاية "المهيب الركن".
ويقول "الربيعي": "استلمته عند الباب. لم يدخل معنا أي أجنبي أو أي أمريكي... كان يرتدي سترة وقميصاً أبيض، طبيعي غير مرتبك، ولم أرَ علامات الخوف عنده. طبعاً بعض الناس يريدونني أن أقول إنه انهار، أو كان تحت تخدير الأدوية، لكن هذه الحقائق للتاريخ. مجرم صحيح، قاتل صحيح، سفاح صحيح، لكنه كان متماسكاً حتى النهاية".
ويضيف: "لم أسمع منه أي ندم. لم أسمع منه أي طلب للمغفرة من الله عز وجل، أو أن يطلب العفو. لم أسمع منه أي صلاة أو دعاء. الإنسان المقدم على الموت يقول عادة: يا ربي اغفر لي ذنوبي أنا قادم إليك. أما هو، فلم يقل أياً من ذلك".
وأعدم صدام حسين الذي حكم العراق لأكثر من عقدين بيد من حديد قبل أن تطيح به قوات تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة اجتاحت البلاد في العام 2003، صباح يوم 30 ديسمبر 2006 في مقر الشعبة الخامسة في دائرة الاستخبارات العسكرية صباح يوم عيد الأضحى، بعدما أُدين بتهمة قتل 148 شيعياً من بلدة الدجيل.
ويقول: "الربيعي": "عندما جئت به كان مكتوف اليدين وكان يحمل قرآناً. أخذته إلى غرفة القاضي حيث قرأ عليه لائحة الاتهام بينما هو كان يردد: الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، عاشت فلسطين، الموت للفرس المجوس".
ويتابع: "قدته إلى غرفة الإعدام، فوقف ونظر إلى المشنقة، ثم نظر لي نظرة فاحصة... وقال لي: دكتور، هذا للرجال... فتحت يده وشددتها من الخلف، فقال: أخ، فأرخيناها له، ثم أعطاني القرآن. قلت له: ماذا أفعل به؟ فرد: أعطيه لابنتي، فقلت له: أين أراها؟ أعطه للقاضي، فأعطاه له".
وحصل خطأ أثناء عملية الإعدام؛ إذ إن رجلي صدام كانتا مربوطتين ببعضهما البعض، وكان عليه صعود سلالم للوصول إلى موقع الإعدام، فاضطر "الربيعي"، بحسب ما يقول، وآخرون إلى جره فوق السلالم.
وقبيل إعدام صدام الذي رفض وضع غطاء للوجه، تعالت في القاعة هتافات بينها "عاش الإمام محمد باقر الصدر" الذي قتل في عهد صدام، و"مقتدى، مقتدى"، الزعيم الشيعي البارز حالياً، ليرد الرئيس السابق بالقول: "هل هذه الرجولة؟"
وكانت آخر كلمات قالها صدام: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً"، وقبل أن يكمل الشهادة، أعدم بعد محاولة أولى فاشلة قام بها "الربيعي" نفسه، الذي نزل بعد ذلك إلى الحفرة مع آخرين "ووضعناه في كيس أبيض، ثم وضعناه على حمالة وأبقيناه في الغرفة لبضع دقائق".
ونُقل جثمان صدام في مروحية أمريكية من ساحة السجن في الكاظمية إلى مقر رئيس الوزراء نوري المالكي في المنطقة الخضراء المحصنة.
ويقول "الربيعي": "مع الأسف الطائرة كانت مزدحمة بالإخوة، فلم يبقَ مكان للحمالة... لذا وضعناها على الأرض، فيما جلس الإخوة على المقاعد. لكن الحمالة كانت طويلة، لذا لم تسد الأبواب. أتذكر بشكل واضح أن قرص الشمس كان قد بدا يظهر"، مشدداً على أن عملية الإعدام جرت قبل الشروق، أي قبل حلول العيد.
وفي منزل المالكي "شد رئيس الوزراء على أيدينا وقال: بارك الله فيكم. وقلت له: تفضل انظر إليه، فكشف وجهه ورأى صدام حسين"، بحسب ما قال مستشار الأمن القومي السابق المقرب من رئيس الوزراء الذي يحكم البلاد منذ العام 2006.
وتحدث "الربيعي" عن مجموعة ضغوط تعرضت لها السلطات العراقية قبيل إعدام صدام، منها قانونية، ومنها سياسية من قبل زعماء عرب.
وذكر أن مسار إعدام صدام انطلق بعد أحد المؤتمرات المتلفزة بين المالكي والرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، الذي سأل المالكي- بحسب "الربيعي"- خلال اللقاء: "ماذا تفعلون مع هذا المجرم؟"، ليرد عليه المالكي بالقول: "نعدمه"، فيرفع بوش إبهامه له، موافقاً.