أوصى إمام الحرم المكي الشريف أستاذ القراءات بكلية الدعوة وأصول الدين في جامعة "أم القرى" الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي الطلبة المبتعثين في ماليزيا بخمس وصايا، أوصاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - للصحابة الكرام. جاء ذلك في لقاء جمع "الغامدي" وأساتذة من جامعة "أم القرى" بأبنائهم الطلبة على هامش زيارتهم الرسمية إلى ماليزيا.
وتحدث "الغامدي" بتفصيل وإسهاب عن وصايا الرسول - صلى الله عليه وسلم - الواردة في حديث رواه الترمذي في سننه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله قال يوماً لأصحابه: "من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يُعَلِّمُ من يعملُ بهن؟" فقال أبو هريرة: فقلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعد خمساً، وقال: "اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلماً، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب".
وشدد على اجتناب المحارم، لاسيما عند النظر في الشبهات والشهوات والنواهي، والابتعاد عن السخط والشك وما يلحق بصاحبه من هم وغم، موصياً حسب الحديث المذكور بالجار في مفهومه الشامل، والحب في الله والبغض في الله.
وأنهى "الغامدي" محاضرته في الحديث عن حال الناس من التهاون الذي يلحق بالقلب الفتور، لاسيما مع الإكثار من الضحك و"كثرة الضحك تميت القلب"، مطالباً باستعادة الصحوة والجد والاجتهاد للرقي بالأمة الإسلامية ونهضتها.
ورافق "الغامدي" كل من الأستاذ بقسم العقيدة في جامعة أم القرى الشيخ الدكتور لطف الله خوجة، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة أم القرى الشيخ الدكتور علي بن محمد باروم، والأستاذ بكلية الشريعة في جامعة أم القرى الشيخ الدكتور عبدالوهاب الأحمدي، بمعية الملحق الديني بسفارة السعودية بماليزيا الشيخ عبدالرحمن البليهي.
وأكد "خوجة" أثناء محاضرته أن كل شخص يخرج من البلد الأمين فهو رسول يحمل على عاتقه تبيلغ الرسالة المحمدية، مبيناً ما يجب عليه من أمور، وما يترتب عليه من عواقب إن لم يؤدها.
وتطرق "خوجة" إلى إثبات النبوة لنبينا محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأديان، مستشهداً بما هو موجود وموثق في التوراة، مشيراً إلى أنها ذكرت: "أشرق الرب من ساعير، وتجلى من سيناء، وتلألأ من جبال فاران".
وفسر ذلك بأن "أشرق الرب من سيناء" المقصود بها رسالة موسى - عليه السلام - "وتجلى من ساعير" تشير إلى رسالة عيسى - عليه السلام - موضحاً أن "ساعير" هي منطقة جبلية بأرض فلسطين، وهي الأرض التي عاش فيها المسيح، عليه السلام.
وأضاف الشيخ أن المقصود ب"تلألأ من جبال فاران" هو إنزال الرسالة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مفيداً بأن "فاران" هي مكةالمكرمة، وكان اسمها "فاران" في ذلك العهد، وهي الأرض نفسها التي عاش عليها إسماعيل، عليه السلام.
وأثنى الشيخ علي بن محمد باروم بالطلبة السعوديين في ماليزيا، قائلاً: "أنتم أُنموذج يحتذى بكم، مقارنةً بطلبة قابلتهم في بلدان أخرى يدمون القلب لحالهم"، حتى أنه كتب فيهم قصيدة بدأها بالآهات من شدة ما رآه من حال يرثى له ويندى الجبين.
واختتم اللقاء الشيخ عبدالوهاب الأحمدي بشرح حديث يعد ثلث الإسلام، وهو حديث "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".
وأوصى الطلبة المبتعثين من أجل التحصيل العلمي وبلوغ الدرجات العليا وحصول أعلى الشهادات بعيداً عن الأوطان والوالدين والأهل بتصحيح النية وجعلها خالصة لله، ولخدمة الدين وإعلاء كلمته، واحتساب الأجر عند الله.
وقدم الملحق الثقافي بماليزيا دروعاً تذكارية باسم الملحقية للشيخ الغامدي والوفد المرافق له، كما قدم مدير النادي بالنيابة دروعاً تذكارية لهم باسم النادي وبالنيابة عن الطلبة المبتعثين في ماليزيا، قبل أن يتوجهوا لتناول طعام العشاء المعد لهذه المناسبة.
وكان الشيخ "الغامدي" والوفد المرافق له من جامعة أم القرى في زيارة رسمية إلى ماليزيا لعقد اجتماعات ولقاءات تضمنت لقاء مع رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبدالرزاق، ولقاءات مع مسؤولين في الحكومة الماليزية، واجتماعات مع جهات الإفتاء في الولايات الماليزية، إضافة إلى اجتماعات مع عدد من رؤساء الجامعات الماليزية، وإلقاء محاضرات وندوات في بعض المراكز التربوية والشرعية.
وشارك الشيخ "الغامدي" في المنتدى الدولي الذي عقده الحزب الحاكم الماليزي "أمنو" على هامش الجمعية العمومية السنوية للحزب برعاية رئيس الوزراء، وقام بإلقاء خطبة الجمعة في مسجد "مركز التجارة العالمي" بمقر الحزب، وبثت على الهواء مباشرة في القنوات التلفزيونية الماليزية.
وتأتي هذه الزيارة الرسمية لتوضيح مفاهيم الوسطية والاعتدال التي تنتهجها السعودية قيادة وشعباً، علماء ودعاة، ولمد جسور التواصل بين الدولتين الإسلاميتين، إضافة إلى تعزيز التعاون العلمي والدعوي المشترك بين الجانبين.
وكان في استقبالهم بمقر نادي الطلبة السعودي في كوالالمبور الملحق الثقافي بماليزيا الدكتور عبدالرحمن بن محمد فصيل، ومدير مكتب الشؤون الثقافية عبدالعزيز الراشد، والمسؤول الإعلامي بالملحقية سعد الحسين، والقائمون على النادي يتقدمهم مدير النادي بالنيابة طالب الدكتوراة الأستاذ محمد الزهراني، وجمع غفير من الحضور.
ورحب الملحق الثقافي الدكتور عبدالرحمن فصيّل في افتتاح هذا اللقاء ب"الغامدي" والوفد المرافق، منوهاً بأهمية استضافة العلماء ومفكري الأمة في لقاءات علمية لنصح وتوجيه أبنائهم الطلبة المبتعثين للدراسة والمغتربين خارج أوطانهم.
كما أشاد رئيس النادي محمد الشيخ بجهود القائمين على تنسيق هذا اللقاء الذي يضم أهم أعلام وعلماء السعودية والأمة الإسلامية، وفي مقدمتهم إمام الحرم المكي الشريف، مؤكداً حرص النادي على انتهاز هذه الفرص للاستفادة والنهل من عملهم.
وقدم مدير النادي بالنيابة محمد الزهراني قبل إلقاء الشيخ "الغامدي" محاضرته نبذة مختصرة عنه، وأهم ما قدمه من إنجازات خدم بها الأمة الإسلامية والوطن، مرحباً في الوقت نفسه على الوفد المرافق له وإسهاماتهم النيرة في المجالات العقدية والشرعية.