رغم انتهاء المباراة وتأهل منتخب أوروجواي إلى المربع الذهبي في بطولة كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا، وخروج المنتخب الغاني من دور الثمانية للبطولة، سيظل الجدل مستمراً شهوراً طويلة بشأن لمسة اليد التي منع بها لويس سواريز، نجم أوروجواي، هدفاً مؤكداً لغانا وطُرد إثرها من الملعب. وسيظل الجدل دائراً بشأن سواريز وما إذا كان بطلاً غير أناني، فضّل التضحية بنفسه من أجل مجد عالمي لمنتخب بلاده، أم أنه كان مخادعاً بغيضاً، حرم القارة الإفريقية من نصر تاريخي في بطولة كأس العالم. وبغض النظر عن ذلك، سيكون هناك شيء واحد مؤكد، هو أنه إنضم إلى قائمة أشهر لمسات اليد غير القانونية في تاريخ اللعبة، التي تضم كلا من: الأرجنتيني دييجو مارادونا والفرنسي تييري هنريز. وتصدى سواريز لهدف مؤكد للمنتخب الغاني عندما منع الكرة بيده من تجاوز خط المرمى في الدقيقة الأولى من الوقت بدلا من الضائع في الوقت الإضافي للمباراة التي أُقيمت بينهما مساء أمس الجمعة على استاد "سوكر سيتي" في جوهانسبرج. وكانت الكرة القادمة من ضربة رأس لأحد لاعبي غانا في طريقها إلى المرمى، ولكن سواريز (23 عاماً) منعها بيده؛ ليطلق الحكم البرتغالي أوليجاريو بينكورينكا، الذي أدار اللقاء، صفارته معلنا ضربة جزاء للنجوم السوداء، مع طرد سواريز من الملعب بعدما حرم المنتخب الغاني من تحقيق الفوز الذي كان كفيلاً بأن يجعله أول فريق إفريقي يتأهل إلى المربع الذهبي في إحدى بطولات كأس العالم. وخرج سواريز في حزن تام من أرض الملعب، ولكن سرعان ما تحوّل الطرد إلى سعادة طاغية قبل أن يغيب اللاعب عن الأنظار؛ حيث أهدر المهاجم الغاني أسامواه جيان ضربة الجزاء، وسدَّدها في العارضة؛ ليقفز سواريز في الهواء من فرط السعادة. واكتملت سعادة سواريز بعدما حقّق فريقه الفوز 4-2 في ضربات الترجيح؛ ليتأهل إلى الدور قبل النهائي على حساب النجوم السوداء. وأثارت لمسة يد سواريز للكرة العديد من الأسئلة الأخلاقية الشائكة مثلما حدث من قبل مع هنري ومارادونا؛ حيث أصبح السلوك الرياضي استثناء في كرة القدم أكثر منه أمرا معتادا. وقال جيان، الذي بدا منهارا وحزينا، بعد المباراة: إن سواريز سيبدو الآن بطلاً. بينما وصف المدرب الصربي ميلوفان راييفاتش، المدير الفني للمنتخب الغاني، تصرف سواريز بأنه ظلم رياضي. ولكن سواريز لم يُظهر أي ندم على هذا التصرف، وقال بعد انتهاء المباراة: "كانت الكرة تستحق الطرد بهذه الطريقة. كنت حزيناً لأنه ما من أحد يحب أن يُطرد من المباراة، ولكن لم يكن هناك خيار آخر". ولكنَّ كثيرين يرون أن اللاعب كان لديه خيار آخر، هو السماح للكرة بعبور خط المرمى لتكون هدف الفوز لغانا. وكتب قارئ غاضب على موقع "نيوز 24" على الإنترنت قائلا: "اللعبة الجميلة! المنتخب الفرنسي تأهل للبطولة بالخداع.. والآن سيظهر سواريز بطلاً؛ لأنه تعمّد الغش أيضا!!"، ولخصت هذه العبارة الاستياء الهائل في إفريقيا للطريقة التي خرج بها منتخب غانا. ويغيب سواريز؛ بسبب البطاقة الحمراء، عن مباراة منتخب أوروجواي مع نظيره الهولندي المقررة الثلاثاء المقبل في الدور قبل النهائي للبطولة. ولكنه قد يغيب أيضا عن المباراة النهائية للبطولة إذا فاز فريقه على هولندا؛ حيث أشار الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)، أمس الجمعة، إلى أنه سيعقد اجتماعاً للجنة التأديبية بالفيفا لدراسة هذه الواقعة. وتمتلك اللجنة القدرة على تمديد عقوبة الإيقاف باعتبار أن تصرف سواريز يندرج تحت بند "السلوك غير الرياضي". ويرى الملايين أن هذه العقوبة ليست كافية، ولكن المدرب أوسكار تاباريز، المدير الفني لمنتخب أوروجواي، دافع عن لاعبه، وقال إن تصرفاته كانت تلقائية، في إشارة إلى أنه لم يتعمّد لمس الكرة أو إبعادها. ولو كان سواريز في أي مكان آخر بعيداً عن خط المرمى لما تردد في ترك الكرة تعبر منه، وسواء كان متعمداً أو ارتكب الخطأ تلقائياً فإنه يعلم جيداً أن العواقب ستكون واحدة. والشيء نفسه يمكن أن يُقال لدييجو مارادونا على هدفه الذي اشتهر بلقب "يد الرب"!! والذي يبدو الآن وكأنه سيتوارى خلف تصرف سواريز. وأثار مارادونا غضب منتخب إنجلترا ومشجعيه عندما قفز في الهواء ووضع الكرة بيده في شباك بيتر شيلتون حارس مرمى المنتخب الإنجليزي في مباراة الفريقين بدور الثمانية لمونديال 1986؛ حيث انتهت المباراة بفوز المنتخب الأرجنتيني، الذي أكمل مسيرته ليفوز باللقب في النهاية. ولم تكن لمسة يد مارادونا هي الوحيدة التي أثارت الجدل في الماضي؛ حيث شهدت التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال الحالي واقعة أخرى تتعلق بلمسات اليد غير الشرعية عندما هيأ المهاجم الفرنسي الشهير تييري هنري الكرة بيده إلى زميله وليام جالاس على بُعد خطوات من المرمى الإيرلندي؛ ليسجل جالاس هدف الفوز 2-1، الذي صعد بالفريق الفرنسي إلى النهائيات على حساب إيرلندا. واعتذر هنري بعدها عن هذا التصريف، مشيرا إلى أنه دفعه إلى التفكير بالفعل في اعتزال اللعب الدولي بعد الانتقادات العديدة التي وُجِّهت إليه. وحاصرت صرخات الانتقاد والاحتجاج الإيرلندية المنتخب الفرنسي خلال استعداداته للمونديال، كما ساد شعور بأن الخروج المبكر للمنتخب الفرنسي من الدور الأول للبطولة كان عقاباً على الجرم الذي اقترفه الفريق في حق مبادئ اللعب النظيف.