أقبل حجاج بيت الله الحرام جماعات وأفراداً، إلى مشعر "منى" راجلين وركباناً، مع إشراقة صباح هذا اليوم الثلاثاء العاشر من شهر ذي الحجة، مهللين مكبرين تملأ قلوبهم الفرحة والسرور، بعد أن من الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم باتوا ليلتهم في المشعر الحرام "مزدلفة"، تحفهم عناية الله تعالى ورعايته، وهم يعيشون الأجواء الإيمانية، وسط خدمات متكاملة تحيطهم من كل جانب، يقوم عليها إخوان لهم من أبناء هذه البلاد الطاهرة، التي تعتز بخدمة ضيوف الرحمن والحرمين الشريفين والأمة الإسلامية في كل مكان، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - وجميع المعنيين الذين يحرصون ويوجهون – دائماً - على تقديم أعلى مستوى من الخدمة؛ لراحة الحجاج وأمنهم واطمئنانهم. ونجحت "الخطط" التي وضعتها جميع القطاعات المعنية بالحج هذا العام، بفضل الله تعالى، ثم بمتابعة وزير الداخلية، رئيس لجنة الحج العليا، الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وأمير منطقة مكةالمكرمة، رئيس لجنة الحج المركزية، خالد الفيصل بن عبدالعزيز.
وبعد وصول الحجاج إلى مشعر "منى"، شرعوا في رمي جمرة العقبة؛ اتباعاً لسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ ومن ثم يطوفون بالبيت العتيق، ويؤدون نسكي الحلق أو التقصير والنحر.
ويأتي رمي الجمار تذكيراً بعداوة الشيطان، الذي اعترض لنبي الله إبراهيم، وابنه إسماعيل في هذه الأماكن, فيعرفون بذلك عداوته ويحذرون منه.
وبعد أن يفرغ الحاج من رمي جمرة العقبة، شرع له في هذا اليوم أعمال يوم النحر، حيث يبدأ بنحر هديه, ثم بحلق رأسه, ثم الطواف بالبيت العتيق، والسعي بين الصفا والمروة.
بعد ذلك يستمر الحجاج في إكمال مناسكهم، فيبقون أيام التشريق في "منى" يذكرون الله، ويكثرون من ذكره وشكره, ويكملون رمي الجمرات الثلاث، يبدأون بالصغرى، ثم الوسطى، فالكبرى كل منها بسبع حصيات.
ورصدت وسائل الإعلام العربية والإسلامية والدولية نفرة الحجيج من عرفة إلى مزدلفة، ثم إلى المشعر الحرام، ونقلت وقائع حج هذا العام، حيث سجلت نجاح مراحل تنقل الحجاج بين المشاعر وتميزها بالانسيابية رغم كثرة المركبات، إلا أن الطرق الفسيحة ووسائل النقل الحديثة، ومنها قطار المشاعر الذي أسهم في نجاح الخطة المرورية، التي يقوم عليها رجال الأمن العام، والمرور، وقوى الأمن الداخلي، والحرس الوطني، يساندهم في ذلك أفراد الكشافة الذين واصلوا الليل بالنهار؛ لتنظيم حركة السير، وإرشاد الحجاج، وتأمين سلامتهم فيما كانت الطائرات العمودية تتابع حركة النفرة، موجهة من خلال غرفة العمليات، ومركز القيادة والسيطرة لمواقع الكثافة على الطرق كافة؛ للعمل على فك الاختناقات المرورية، وتسهيل حركة مواكب الحجيج.
وقد عاش الحجيج في نفرتهم الهدوء والسكينة، في طقس اتسم بالاعتدال بحمد الله، تحفهم عنايته (سبحانه وتعالى)، ثم جهود وحرص وتنسيق بين العديد من القطاعات التي التزمت الخطط المرسومة المدروسة لتحركات الحجيج بين المشاعر المقدسة، وتوفير الخدمات الصحية والتموينية والغذائية، وكذا الاتصالات والمياه والكهرباء، إلى جانب انتشار مراكز الدفاع المدني على الطرقات وداخل المشاعر.