علمت "سبق" أن الشيخ هلال الحارثي، من مدينة الطائف، قد تنازل لوجه الله -سبحانه وتعالى-، ثم لجاه وشفاعة خادم الحرمين الشريفين، ومساعي الأمير تركي بن عبدالله، وجهود الشيخين ضاري بن مشعان الجربا، ومحمد بن سعد الماجد، عضويْ لجنة شفاعة خادم الحرمين للعفو عن القصاص، وتنازل عن قاتل ابنه "عبدالله"، وأعتق رقبة الشاب "فهد الحارثي". وكان خلاف قد نشب بينهما قبل ثماني سنوات بمنطقة الشفاء بمدينة الطائف نتج عنه جريمة القتل، وأثناء استقبال الأمير تركي للوكيل الشرعي عن أولياء دم المرحوم -بإذن الله تعالى- الشاب عبدالله هلال الحارثي، في قصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يوم الجمعة الماضي بمدينة جدة، تنازل الوكيل الشرعي "علي الشريف" عن القاتل لوجه الله -تعالى-، ولشفاعة خادم الحرمين، وأمام الأمير تركي.
وكشف الأمير تركي أن الرسالة التي يحملونها دائماً لأهالي الدم هي "أن عبدالله بن عبدالعزيز يشحذكم أن تشاركوه في الأجر"، مؤكداً "أن عتق الرقاب هو من الأعمال الجليلة التي تبين سماحة الإسلام، وأن هذا الجانب من ديننا الحنيف لو نقل لوسائل الإعلام الأجنبية بالطريقة التي يفهمونها لغير الكثير من المفاهيم عن الإسلام، خاصة في هذا الوقت الذي تشن فيه بعض الحملات على الإسلام لمحاولة تشوية صورته".
وأضاف: "وبمثل هذه الأعمال نظهر حقيقة ديننا، فالحكم يصبح بيد ولي الدم بعد أن يصدر القضاء الحكم الشرعي، وهذه من أبرز مميزات الإسلام".
وتابع: "أما المزايدات والمتاجرة فتظهر أننا أصحاب ماديات، ولا نفكر بالآخرة التي هي المكسب الحقيقي، وهي التي يفترض أن يكون جل عملنا لها. ونحن عندما نسعى في عتق الرقاب فإننا نريد أن يشاع، وأتمنى أن ينقل هذا الجانب من ديننا الحنيف لوسائل الإعلام الأجنبية لتتغير المفاهيم، والتسامح بين المسلمين، ولا نفرق بين جنسية وأخرى، نحن نعمل للآخرة وللمسلمين بصفة عامة".
وواصل حديثه قائلاً: "وكل ما نستطيع أن نفعله لا نتردد في ذلك أبداً، وهذا هو ديدننا منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- إلى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -أطال الله في عمره-".
واستطرد الأمير تركي: "نحن في اللجنة ننفذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين في الصلح بين الناس، بحيث يكون هذا الصلح يجمع ولا يفرق بين أهل الدم، فلابد أن تكون كلمتهم واحدة، وأن يتفق جميع من لهم الحق على التنازل، فالهدف هو أجر الآخرة والتقريب بين الناس، لا أن يوجد هذا العفو مشاكل داخل الأسرة الواحدة".
وأثنى الأمير تركي على الجهود الجبارة التي يقوم بها الشيخان ضاري بن مشعان الجربا ومحمد بن سعد الماجد، عضوا لجنة شفاعة خادم الحرمين للعفو عن القصاص، واللذان يتنقلان بين مدن المملكة من أجل التواصل المباشر مع أولياء الدم، وعدم الاكتفاء بالاتصالات، مضيفاً: "لا ننسى الكثير من الرجال الذين يتعاونون معنا في كافة أرجاء المملكة، وهذا الذي نسعى إليه دائماً أن ينشر التسامح بين أفراد الشعب وحب التقارب، وبلا شك فإن الكل مأجور في السعي لهذه الأعمال متى ما خلصت النية، ونتمنى من الله -عز وجل- أن يوفقنا لكل خير".
من جانبه شكر المستشار القانوني والوكيل الشرعي، علي بن عبدالله بن سعيد الشريف، الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، نائب أمير الرياض، على استقباله له وحسن ضيافته.
وأوضح أن الاستقبال كان نيابة عن أولياء دم المقتول عبدالله هلال الحارثي -رحمه الله-، وكان الشريف يحمل رسالة من الشيخ هلال الحارثي يبلغ فيها سموه الكريم تنازل أولياء الدم عن القصاص لوجه الله تعالى، وبذلك يضربون أروع الأمثلة في العفو عند المقدرة، والمحافظة على أواصر القرابة على الرغم من أنه قدم لهم الشيء الكثير من المال، ولكن لا يريدون إلا وجه الله تعالى، وفي هذا الشهر الكريم وفضلة العظيم.
وختم الشريف حديثه سائلاً الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والد الجميع، والأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز ذلك الأمير الخلوق، وأن يرحم الميت، ويتقبله ويسكنه فسيح جناته.
وأكد المحامي الشريف أن الإصلاح لهو من أوجه البر التي ينبغي تعزيزها، والإشهاد عليها، وحث الناس عليها، وختم حديثه بقول الله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)، وهذا من أفضل الإصلاح عامة، والصلح في القصاص خاص.