بينما ينهمك الرئيس محمد مرسي ومساعدوه في البحث عن مخرج للأزمة التي حولت مصر الى جبهتين تحشد كل منهما ضد الأخرى، بدى أن الضربات تتوالى على النظام ذي المرجعية الإسلامية، بعد إعلان عدد من مستشاريه ووزراء حكومته استقالاتهم، وسط استعدادات للجيش، ودعوات مؤيدي الرئيس لعدم التخلي عن "المشروع الإسلامي". ومع اقتراب المهلة التي حددتها القيادة العامة للقوات المسلحة ب48 ساعة من نهايتها، وتعالي هتافات المعارضين المطالبة برحيل الرئيس، توالت الأنباء حول تأكد استقالة عدد من أعضاء مجلس الشورى، ثم خمسة وزراء من حكومة رئيس الوزراء هشام قنديل، تبعتها استقالة المتحدث باسم الحكومة، وأخيراً طلب المتحدثين باسم رئاسة الجمهورية إنهاء انتدابهما.
وتزامنت آخر تلك الأنباء مع حكم أصدرته اليوم محكمة النقض بإلغاء قرار مرسي في نوفمبر الماضي بإقالة المستشار عبد المجيد محمود من منصب النائب العام وتعيين المستشار طلعت عبد الله بدلاً منه، وهو من بين القرارات الرئاسية التي كانت قد زادت الموقف اشتعالاً بين السلطة القضائية والمعارضة من ناحية والرئيس من ناحية أخرى.
وكما يتسارع سقوط الأوراق من بين يدي الرئيس، تتسارع أيضاً استعدادات القوات المسلحة لتأمين المصالح الحيوية والإشراف على مرحلة مقبلة من "الربيع المصري" غير محددة المعالم حتى الآن، بانتظار قرارات حاسمة ل"مرسي" قبل نهاية المهلة.
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة حذرت بعد عصر الاثنين من أنها ستضع خارطة طريق تشرف على تنفيذها للخروج من حالة الانقسام السياسي، إذا لم يتم "الاستجابة لمطالب الشعب" خلال مدة لا تتجاوز 48 ساعة، مؤكدة أنها "لن تكون طرفاً في دائرة السياسة أو الحكم"، وأن بيانها لا يعني انقلاباً بأي حال.
كما أشارت مصادر عسكرية إلى اتخاذ كل الاستعدادات اللازمة لتأمين المتظاهرين السلميين، والانحياز ل"إرادة الشعب"، في إشارة للاحتجاجات المليونية التي انطلقت الأحد 30 يونيو، مطالبة بتخلي الرئيس عن الحكم بعد اتهامه ب"الفشل" اقتصادياً وسياسياً، والعمل لصالح تمكين جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها، وإقصاء المعارضين.
وأكدت المصادر على استعداد القوات المسلحة لمواجهة أية جماعات أو عناصر مسلحة تحاول مهاجمة المتظاهرين السلميين، في الوقت الذي أذاعت فيه وسائل إعلام محلية تدريبات لعناصر من فرق الصاعقة خارج المعسكرات في إشارة لتلك الاستعدادات.
وتزامنت تلك الاستعدادات مع دعوات للحشد أطلقها عدد من رموز تيار الإسلام السياسي، من بينها جماعة الإخوان المسلمين، تطالب مؤيديها بعدم السماح بالمساس بالرئيس، والدفاع عن "المشروع الإسلامي"، وصلت في بعض الأوقات إلى حد الدعوة للجهاد و"الموت".
وبينما قالت مصادر محلية أن بعض رموز جماعة الإخوان أو القريبين منها تم وضع أسمائهم بالفعل على قوائم الممنوعين من السفر، أكد أحد أعضاء الجماعة ل"إفي" أن الدعوة لل"نفير" العام حقيقية، وأن إجبار الرئيس على الاستقالة "دونه الرقاب"، مذكراً ب"حلم إقامة الدولة الإسلامية" الذي داعب أفكار الجماعات الإسلامية على مدار عقود، ودفع بعضها لحمل السلاح، وتكفير المجتمع المصري، خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات.
ومع تزايد أعداد المتظاهرين من الفريقين، وتزايد المخاوف من اشتباك على نطاق واسع، تتوارد المبادرات من قبل بعض الرموز السياسية للخروج من الأزمة، تتمحور غالبيتها حول تشكيل حكومة انتقالية وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد.
وفي حين لم يخرج الرئيس للحديث لمؤيديه أو معارضيه حتى الآن، تسربت بعض الأنباء حول استعداد حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين لقبول إقالة حكومة هشام قنديل، التي يتهمها غالبية المصريين بالفشل، وتعديل الدستور المنتقد من قبل المعارضة، بشرط استمرار "مرسي" حتى نهاية مدة رئاسته في 2016.
وتستمر الضغوط الدولية على الرئيس للاستجابة لمطالب المعارضة، حيث عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما لنظيره المصري عن قلقه من الوضع، مشدداً على ضرورة الاستماع لجميع المصريين وإيجاد حل سياسي للأزمة الحالية، ومؤكداً على أن الولاياتالمتحدة "لا تدعم حزباً أو جماعة بعينها"، حسب بيان للبيت الأبيض. واستمرت تحذيرات دول غربية لرعاياها من السفر لمصر، بينما قررت كندا إغلاق سفارتها بالقاهرة لأسباب أمنية.