قررت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) سحب فيلم وثائقي من ثلاثة أجزاء حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، مع تصاعد حدة التوتر في بيروت بسبب التوقعات بأن عناصر من حزب الله على وشك أن يُتهموا بالتورط في عملية القتل. وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أمس: إن الجزء الأول من الفيلم الوثائقي "جريمة قتل في بيروت" كان من المقرر أن يُبث على قناة "بي بي سي" الإخبارية العالمية السبت المقبل، لكن منتج الفيلم أُبلغ من دون سابق إنذار أن الهيئة قررت تأخير بثه. وأضافت الصحيفة: إن "بي بي سي" أعلنت أن قرار تعليق عرض الفيلم الوثائقي عن اغتيال الحريري "جاء للتأكد من أنه يراعي سياستها التحريرية"، لكنها لم تحدد موعداً جديداً لعرضه، مشيرة إلى أن قرار التأجيل جاء بعد أن ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، القريبة من المعارضة، بأن الفيلم سيتهم عناصر من حزب الله بالوقوف وراء عملية الاغتيال في فبراير 2005، التي قتل فيها الحريري و22 شخصاً آخرين بانفجار في 14 فبراير 2007. وذكرت الصحيفة، أن حدة التوتر تصاعدت في لبنان بشكل حاد في الأسابيع القليلة الماضية وسط توقعات بأن المحكمة الخاصة بلبنان المدعومة من قبل الأممالمتحدة ستصدر قريباً لوائح الاتهام في قضية اغتيال الحريري. وقالت: "إن الفيلم الوثائقي عن اغتيال الحريري أنتجته شركة الإنتاج البريطانية - السعودية (أو آر تي في) وبطلب من القناة الفضائية "العربية"، وتم الانتهاء من النسخة الأولى من الفيلم في الصيف الماضي، لكن المحطة الفضائية لم تعرضه وقتها بسبب مساعي السعودية في تلك الفترة إلى تحسين العلاقات مع سوريا، التي جرى تحميلها في البداية مسؤولية اغتيال الحريري، والذي رُوّج في الأشهر الأخيرة أنه يشتبه في تورط عناصر من حزب الله في الاغتيال. وقالت "الجارديان": إن الفيلم المكوّن من ثلاثة أجزاء "يتضمن مقابلات مع صنّاع القرار في بيروت ودمشق وواشنطن وباريس، ويعد بالكشف عن حقيقة الصراع على السلطة في الشرق الأوسط". وابلغ كريستوفر ميتشيل منتج فيلم "جريمة قتل في بيروت" الصحيفة "تم تأجيل عرض الفيلم بصورة مفاجئة لكن تلقيت ضمانات من "بي بي سي" بأنها لن توقف بثه؛ لأن القصص حول الشرق الأوسط حساسة للغاية وتخضع لفترة طويلة من التدقيق والفحص قبل المصادقة عليها، وآمل أن يتم عرضه في المستقبل ونشعر الآن بخيبة أمل بعد أن تم تأجيل بثه". وقال متحدث باسم بي بي سي ان "كافة برامج بي بي سي بما فيها تلك التي يتم شراؤها في الخارج يجب أن تكون متطابقة مع قواعد التحرير التي نعتمدها (...) وأحيانا تستلزم هذه العملية وقتا أطول". وباتت المحكمة الخاصة بلبنان في صلب توترات سياسية في لبنان بين معسكر رئيس الوزراء سعد الحريري نجل رفيق الحريري وحزب الله الشيعي الذي يتهم المحكمة بأنها "مسيسة" وبأنها استندت في حيثياتها إلى شهود زور. واثارت معلومات عن احتمال توجيه المحكمة الاتهام إلى عناصر في حزب الله في قضية اغتيال الحريري، المخاوف من عودة العنف الطائفي وانهيار حكومة الوحدة الوطنية. وكان رفيق الحريري قتل مع 22 شخصاً آخرين في عملية تفجير شاحنة صغيرة مفخخة تحتوي على ألف كيلوجرام من المواد المتفجرة في بيروت في 14 فبراير 2005، والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان مكلفة كشف المسؤولين عن عملية اغتيال الحريري.