أعلن كاتب جريدة "الجزيرة" عبد الله بن محمد الشهيل، اعتذاره عن العنوان الذي جاء في مقاله أمس، وتسبّب في أزمة وردود فعلٍ عنيفة من العلماء والمشايخ وطلاب العلم, وقال في مقاله اليوم "تنويه وإيضاح": إنني قد أكون لم أوفق في استخدام العبارة ما جعل البعض يفهمها بغير ما قصدته، فعلم الغيب محصورٌ في علم الله - سبحانه وتعالى - دونما غيره من البشر". وقال "الشهيل": اطلعت على ما كُتب في مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقاتٍ واجتهاداتٍ تجاوزت إلى الدخول في النيّات، تعقيباً على مقالي الذي نُشر في صحيفة الجزيرة أمس الإثنين بعنوان (الملك عبد الله: عمق بالرؤية.. ووضوح في المواقف.. وإبصار ما كان.. وما هو كائن.. وما سيكون)، والذي تحدثت فيه عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وعن عنايته الخاصّة بالحرميْن الشريفيْن، وعن دفاعه المستمر عن الإسلام، وعن تأمينه احتياجات المسلمين في كل بقاع العالم، وعن قراءته السليمة للماضي والفعّالة للحاضر، وعن توقعه الإيجابي لمُقبل الأيام (وفهمه لما تحمله المتغيرات وما تؤدي إليه التحولات)، ولم أقصد بذلك علمه بالغيب، وقد ذكرت فيما نصّه: - وبحسه الإنساني: رحمة وعطفاً، ورفداً ومواساة، ومبادرة واستجابة، وبحكمته ووعيه، وبصيرته وفطنته، وفكره الناهض، وبُعد نظره، ونبل محتده، وطهر نشأته، ومواهبه النوعية، وقدراته الذاتية، وتجربته الطويلة، وخبرته الغنية، وسهره ومتابعاته: تكوّنت بهذه الخصال والصفات، وغيرها الذاتية والمكتسبة رؤية المليك المفدّى عبد الله بن عبد العزيز بعمق لكُنه الأشياء إلى أن بلغت تميزاً أعدم الخسران، وفرزاً أدرك ماهية التلاقي الزمني من خلال تفعيل غير المنتهية صلاحيته مما كان بما هو كائن، فحضرت والحالة هذه: ملامح ما سيكون بقراءة استشرافية واعية مكّنته من اختيار كل ما هو فاعل، وبالتالي: استثمره برؤية خلّاقة، وإبداع بوطنه دون استثناء - ومع ذلك فُوجئت بردّات فعلٍ سلبية وغير متوقعة تحمّل مقالي المنشور ما لا يحتمل، وتدخل في النيّات بشكلٍ سافرٍ وغير مقبولٍ، فمن غير المعقول أن يكون كلام الإنسان كله مباشراً، وخالياً من المجاز، وخاصة ما يتصل بالكتابة، فالمجاز ورد في القرآن الكريم وفي السُّنة النبوية المطهرة على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد ورد على ألسنة كبار الصحابة والتابعين، وقد أقرّ المجاز كبار البلاغيين، فالخطيب القزويني عرّف المجاز العقلي بقوله: (هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلى مُلابس له غير ما هو له بتأول)، والمجاز نستخدمه في حديثنا، وفي حياتنا اليومية بشكلٍ مستمر.
وإذا كان هناك مَن فهم مضمون مقالي أو عنوانه على أنني أتحدث عن علم خادم الحرمين الشريفين، بالغيب، وهذا لم يكن وارداً في ذهني ولا في المقال المنشور، وإذ أعتذر فإنني قد أكون لم أوفق في استخدام العبارة ما جعل البعض يفهمها بغير ما قصدته، فعلم الغيب محصورٌ في علم الله - سبحانه وتعالى -دونما غيره من البشر.
من الأخطاء العظيمة الحكم على نيّات الآخرين ما يقع فيه كثيرٌ من الناس، ومنهم بعضٌ من المغرّدين والمتحدّثين، ولا يكتفون، بل إنهم يقسمون بالله العظيم على أن فلاناً كفر وأشرك بما كتبه كذا، وكأنهم اطلعوا على الغيب أو شقوا عن قلوب الناس، ولنتأمل هذا الحديث الشريف: عن أسامة بن زيد قال: (بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قلت يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح. قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكرّرها عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ). رواه مسلم.