كشف الدكتور حبيب بن مصطفى زين العابدين، وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية، رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية بالوزارة، عن أن المختبرات السعودية تمكنت طوال السنوات الماضية من كشف محاولات غش وتلاعب من قِبل بعض الموردين لمواد البناء الأساسية مثل: شحنات حديد التسليح، والتي كانت واردة من دول أوروبية بعد أن تم اكتشاف أنها مصنّعة في دولٍ آسيوية، وبإمكانات ضعيفة ومواصفات متدنية، ما جعل الموردين والمقاولين المحليين والدوليين، أكثر حرصاً في تحرّي مواصفات جودة مواد البناء لعلمهم المسبق، بوجود مختبرات مركزية سعودية متخصصة، وقادرة على كشف أي تلاعبٍ أو احتيال. ولفت إلى أن جميع مواد البناء بما في ذلك القماش المستخدم في إنشاء مخيمات الحجاج بمشعر مِنى خضعت للاختبار في المختبر المركزي في الرياض والذي أُنشئ قبل 35 عاماً بأحدث التقنيات وقتها لإجراء كافة أنواع الاختبارات بما في ذلك اختبار المشروعات الإنشائية كالجسور والمباني بالكامل، إضافة إلى المختبرات التخصّصية مثل مختبر التربة ومختبر الكيمياء الذي يقوم بدور كبير في تحليل المشكلات التي قد تحدث في بعض المباني لتدني جودة مواد البناء كالأسمنت أو غيرها من المواد الأخرى.
وأضاف الدكتور زين العابدين خلال المؤتمر الصحفي للتعريف بفعاليات ندوة ومعرض "مختبرات الجودة في المشروعات الإنشائية"، والتي تنظمها وزارة الشؤون البلدية والقروية خلال الفترة من 11 – 13 جُمادى الآخرة 1434ه بمدينة الرياض تحت مظلة الاجتماع الوزاري للوزراء المعنيين بشؤون البلديات بمجلس التعاون لدول الخليج العربية: "إن القيادة الرشيدة استشعرت أهمية إنشاء مختبرات متطورة لمراقبة الجودة في المشروعات الإنشائية بما يدعم خطط وبرامج التنمية الوطنية، وصدرت الموافقة السامية بأن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية مسئولية إنشاء المختبرات الحديثة والإفادة من الخبرات والتجارب المتطورة في هذا الشأن".
وأكد أن "تنظيم ندوة مختبرات الجودة في المشروعات الإنشائية والمعرض المصاحب لها برعاية سمو وزير الشئون البلدية والقروية يمثل خطوة كبيرة للاطلاع على التجارب الدولية المتقدمة في مجال مختبرات الأعمال الإنشائية ومواد البناء من خلال مشاركة ما يزيد على 600 خبير ومتخصّص من داخل المملكة وخارجها.
ولفت الدكتور زين العابدين إلى أن تنظيم ندوة مختبرات الجودة في المشروعات الإنشائية يأتي بناءً على توصية من الاجتماع الوزاري لوزراء البلديات بمجلس التعاون الخليجي؛ لمناقشة دور المختبرات الحكومية والأهلية في ضبط المشاريع الإنشائية.
وأكد أن اللجنة التحضيرية للندوة تلقت عدداً كبيراً من البحوث العلمية من الخبراء والأكاديميين المتخصّصين في هذا المجال من جميع دول العالم تم تقييمها من قبل نخبة من المحكمين الدوليين، واختيار 71 بحثاً علمياً لمناقشتها خلال الجلسات العلمية للندوة، إضافة إلى عددٍ من الخبراء من أشهر المراكز والمعاهد العلمية المشهود لها عالمياً في مجال المختبرات وجودة المشاريع الإنشائية مثل الهيئة الأمريكية للاختبارات والمواد ASTM وجمعية الخرسانة البريطانية والمعهد الفيدرالي لبحوث المواد واختبارها في ألمانيا، وعدد من الهيئات والمراكز الأخرى في فرنسا وسويسرا لإلقاء محاضرات متخصّصة لنقل الخبرات، ورفع مستوى جودة الإنشاءات في المملكة ودول الخليج العربي.
وتطرق الدكتور زين العابدين خلال المؤتمر، إلى تجربة الوزارة في تطبيق برنامج التفتيش المفاجئ، مؤكداً أن البرنامج أنجز أكثر من 500 ألف اختبار لعيّنات عشوائية من مواد البناء في المشاريع الإنشائية، مما يفيد في اكتشاف الأخطاء في وقت مبكر، بما يساعد المقاولين وأصحاب المشروعات في علاجها وتصحيحها وتحقيق معايير الجودة في المشاريع الإنشائية كافة.
وأشار الدكتور زين العابدين إلى أن برنامج التفتيش المفاجئ يتم تطبيقه على كل المشاريع التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية ومن مشروع خيام مشعر مِنى وقطار الحرمين الشريفين، موضحاً أنه ستعرض تجربة هذا البرنامج بالمعرض المصاحب للندوة ومناقشة إمكانية تطبيقه على كل المشاريع الإنشائية بشكلٍ إلزامي لتحقيق المتابعة الدقيقة لأعمال المقاولين والشركات المنفذة للمشروعات وتفعيل آليات مراقبة الجودة في هذه المشاريع.
كما تحدث عن تعاون وزارة البلديات مع الجامعات والهيئات العلمية السعودية لتعزيز آليات ضبط الجودة في المشروعات الإنشائية، وإجراء ثلاثة بحوث مع جامعة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية؛ لضبط الجودة في مصانع الخرسانة الجاهزة، وكشف التجاوزات والتلاعب في المواد اللازمة لتصنيع الخرسانة الجاهزة.
وأشار إلى أن بعض المقاولين ومصنعي مواد البناء يحرصون على إخفاء مثل هذه التجاوزات حتى لا يتم اكتشافها عبر تحليل البيانات الإحصائية أو التجارب المعملية على غرار ما تم تنفيذه في مدينة الرياض، والتي استفادت كثيراً من البحث الإحصائي في تحسين جودة الخرسانة بالمشاريع الإنشائية. وعبّر الدكتور زين العابدين عن أمله في أن يتم تطبيق برنامج البحث الإحصائي في جميع مناطق المملكة.
ورداً على سؤال حول إمكانية إلزام الجهات الحكومية بإخضاع مشروعاتها للاختبار عبر المختبرات التابعة لوزارة البلديات، قال: "حتى الآن لا يوجد نظام أو قرار يلزم الجهات الحكومية بذلك، إلا أنه يجب أن تكون هناك جهات رقابية محايدة تراقب المختبرات الأهلية والمقاولين، وهو أمرٌ معمولٌ به في كثير من الدول المتقدمة".
وأشار إلى أن الندوة تهدف إلى نقل هذه التجربة إلى المملكة، وتعزيز قدرات المختبرات الأهلية لأداء دورها في ضبط الجودة في المشروعات الإنشائية ومواد البناء، وإخضاع تقاريرها لجهات حكومية محايدة وحدها لا تستطيع القيام بهذا الدور، وهو ما يتطلب وجود مختبرات أهلية معتمدة بما يواكب النمو الكبير في المشاريع الإنشائية في جميع المناطق شريطة تأهيل المختبرات الأهلية ومتابعة أدائها لمواجهة أي تلاعب في نتائج الاختبارات.
وأوضح الدكتور زين العابدين أن هناك لجنة من وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة والبلديات وبعض الجهات الأخرى تبحث إعادة تهيئة المختبرات وآليات عملها تمهيداً لوضع نظام مناسب يعزّز من قدرتها على ضبط الجودة في المشاريع الإنشائية.