استبعد محللون أن يكون هناك تدخل خليجي، في التأثير على مواقف حزب النور المصري، المخالفة لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الحاكم، بعد فترة من التناغم، والتقارب، بين الحزبين في البرلمان، وفي عملية صياغة الدستور الجديد، ودعم مؤسسة الرئاسة، أمام تحركات جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة. وقالوا: إن السلفيين في الأساس منافسون للإخوان، ومبادرة حزب النور الأخيرة، وتصريحات قياداته، تهدف في الأساس إلى إيجاد مسافة واضحة، بينه وبين حزب الحرية والعدالة، والابتعاد عنه قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة في فبراير.
وظهر هذا الاختلاف في المبادرة التي قدمها حزب النور، أمس الثلاثاء، للخروج من الأزمة التي تشهدها مصر حالياً، التي أدت لمواجهات بين الشرطة ومحتجين على نظام الرئيس محمد مرسي، استمرت لسبعة أيام منذ الخميس الماضي، عشية الذكرى الثانية لثورة 25 يناير 2011، وأسفرت عن مقتل 58 شخصاً، وإصابة المئات.
واقترب "النور" في مبادرته من مربع جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، حين طالب بتشكيل حكومة ائتلاف وطني، تشارك فيها القوى السياسية المختلفة، واستقالة النائب العام المعين من قبل الرئيس، وعرض مجلس القضاة الأعلى ثلاثة، يختار مرسي منهم نائباً عاماً جديداً.
وسبق ذلك تصريحات متلفزة لنادر بكار، المتحدث الرسمي للحزب، انتقد فيها جماعة الإخوان المسلمين بالسعي لما أسماه "أخونة الدولة"، أي سيطرة الجماعة على الدولة، معتبراً أن: "حركة التغول، والانتشار، والتمدد، داخل مفاصل الدولة أمر غير مقبول"، كما رفض أن يتحدث أعضاء جماعة الإخوان باسم الرئيس. وحمل بكار مؤسسة الرئاسة مع المعارضة، مسؤولية أحداث العنف في الشارع. ومعلقاً على هذه المواقف، يرى عمرو هاشم، رئيس مركز البحوث البرلمانية بمؤسسة الأهرام، أن: "حزب النور تعرض لهزة أفقدته جزءاً من رصيده الشعبي، بعد انفصال بعض قياداته مؤخراً، وإنشاء حزب جديد".
وأوضح هاشم، في تصريح خاص لمراسل الأناضول، أن: "النور يريد ألا يوصم بالتطرف الديني، عبر تقاربه مع بعض القوى الليبرالية في المواقف، في ظل محاولة بعض قيادات حزب الحرية والعدالة إظهار حزبهم بأنه: الوسطي بالمقارنة مع حزب النور".
ونفى أن يكون هناك تدخل خليجي في التأثير على مواقف حزب النور الأخيرة، إلا أنه اعتبر أن الحزب سيواجه اختباراً صعباً، خلال المرحلة المقبلة بمحاولة المحافظة على المسافة، التي أحدثها مع حزب الحرية والعدالة، في ظل الاستقطاب الحاد الذي تشهده الساحة السياسية.
من جانبه، قال سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة إن: "موقف حزب النور الأخير، يؤكد على حقيقة أن السلفيين في الأساس منافسون للإخوان، وما يقوم بينهم من تحالفات، وتنسيق، يأتي في سياق تكتيكي وليس دائماً".
ولفت صادق في حديثه لمراسل الأناضول إلى أن: "حزب النور يتخوف بشكل واضح من التصويت العقابي ضد الحزب الحاكم، الذي يواجه بانتقاد للعديد من مواقفه الأخيرة، وبالتالي لا يريد حزب النور أن يحسب على تلك المواقف، ويحافظ على رصيده في الشارع باعتباره أكبر الأحزاب المعارضة".
واستبعد أن يتطور التقارب بين حزب النور وجبهة الإنقاذ الوطني، إلى تحالف في الانتخابات المقبلة.
أما رفيق حبيب، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة سابقاً، فاعتبر أن مبادرة حزب النور تؤكد أن: "الأحزاب الإسلامية، قبل الانتخابات، تركز أساساً على التنافس، ثم مع نهاية الانتخابات، تبدأ مرحلة التوافق، ثم تعود مرحلة التباعد، مع اقتراب انتخابات جديدة، وهكذا".