ضخت مؤسسة النقد الأسبوع الماضي 20 مليار ريال في القطاع المصرفي، وكانت قد ضخت يونيو الماضي 15 مليارا أخرى، أي 35 مليارا في حوالي ثلاثة أشهر، دعما للسيولة ولقدرة البنوك المحلية على الإقراض بالخصوص الإقراض العقاري، مع أن مؤشرات كثيرة تقول إن أغلبها قروضا استهلاكية وإن كانت البنوك تعممها بمسمى قروض شخصية. واظننا مع صدور القرارات الأخيرة بخفض الرواتب وإلغاء البدلات بحاجة لإعادة جدولة مواعيد الاستحقاق حتى لا يتضرر المقترضون بتعسف البنوك، إلا أن ذلك قصة أخرى. الدعم الذي قدمته «ساما» للبنوك يدحض ادعاءات البنوك بشح السيولة ويسهل عمليات الإقراض، برغم تقارير سنوية سابقة لساما تظهر أن البنوك تملك سيولة كافية لا تستغل لخدمة الاقتصاد الوطني وإنما تكدس كاحتياط تحسبا للأزمات. من حق البنوك وضع ما تريد من شروط تمكنها من استعادة أموالها، مع أن تقارير أخرى لساما تؤكد أن مستوى القروض المتعثرة لا يتجاوز 1.3% من إجمالي القروض وتوافر تغطية عالية من المخصصات تجاوزت 165% من إجمالي القروض المتعثرة، ونسبة عالية من كفاية رأس المال التنظيمي تجاوزت 18% (المدينة، 27 سبتمبر الجاري) فإذا أضفنا لذلك قدرة البنوك في التحايل على فترة الآجال لاتفاقات «إعادة الشراء» التي كانت محددة بيوم واحد فمددت إلى سبعة أيام و28 يوما، مما يوحي بعدم حاجة البنوك لهذا الدعم وإن كان في شكل ودائع زمنية. جميعنا يتذكر الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي العام 2008، وكان سببها الرئيس القروض العقارية، وبرغم اليقين بقوة نظامنا المصرفي الكامنة في احتياطياته، إلا أن هذا لا يمنع من أخذ الحيطة. إجراءاتنا المالية تؤتي ثمارها، حسب تقرير «بيزنيس تايمز» البريطانية انخفض عجز الميزانية من 16% العام الماضي إلى أقل من 10% هذا العام، أما سياستنا النقدية فبظني المتواضع تحتاج قليلا من إعادة النظر، يمكن لساما، مثلا، استخدام سعر الفائدة للتحكم في حجم السيولة المتوافرة بدلا من خلق سيولة إضافية قد تفاقم حجم التضخم، إلا أن هذه قصة ثالثة. أعود لموضوعي لأسأل لماذا لم نقدم هذا الدعم، 35 مليارا، لصندوق النقد العقاري مباشرة؟ وللصندوق أن يضع ما يريد من الشروط ضمانا للسداد ولإعادة تدوير عمليات الإقراض، وهي شروط مهما قست في أموال عامة لن تكون بجبروت شروط البنوك الخاصة، لماذا الإصرار على تنفيع البنوك وهي لا تقوم بواجباتها الاجتماعية ولا تتساهل مع مقترضيها إلا إذا كانوا هوامير كبارا ويقترضون مبالغ كبيرة، من سيقف مع المواطن «مهدود» الدخل الباحث عن سقف يحميه وأسرته من لهيب الإيجار، المواطن الواقع بين مطرقة البنوك وسندان عجز وزارة الإسكان؟