جاء «فيتو» أوباما ضد قانون الكونغرس في توقيت مهم رسالةً واضحة ومباشرة مفادها أن «جاستا» انتهاك واضح وصريح لمبادئ القانون الدولي، وانسلاخ عن جميع الأعراف الدولية، وتوغل مرفوض في سيادة وحصانة الدول، ومخالفة صريحة لميثاق الأممالمتحدة. من الواضح أن مؤسسات صناعة القرار خصوصا الكونغرس، سعت إلى الإضرار بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ورسخت الأحقاد ضدها بسبب سياساتها السلبية تجاه قضايا المنطقة، وهو الأمر الذي جعل أمريكا تعيش عزلة في محيطها العربي بسبب سياسات الكونغرس والإدارة أيضا البعيدة كل البعد عن مصالحها الإستراتيجية وعلاقاتها القوية التاريخية مع العرب. ويتجسد ذلك جليا من خلال المواقف الأمريكية المتخاذلة من الأزمة السورية فضلا عن تجاهلها الحقوق الفلسطينية المشروعة. إن مشروع «جاستا» الذي نقضه أوباما في ظاهره وباطنه العذاب، وسيعمل حال اعتماده، إذا أصر الكونغرس وصوت مجددا بالثلثين، على تكريس حالة الكراهية ضد أمريكا خصوصا أن السياسات الأمريكية المتبعة ضد قضايا المنطقة تغيرت ولم تعد داعمة للحقوق العربية المشروعة. وما نأمله أن لا يقع الكونغرس رهينة لسياسات عقيمة تجلب الخراب، ولا نزال نراهن على تفهمه للمصالح الإستراتيجية لبلاده مع العرب وإنهاء سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها ضد القضايا العربية المشروعة، إذ إن تسييس القوانين أمر خطير لا ينبغي السكوت عليه بل يتطلب مواجهته بمنتهى الحزم والقوة. ولأن مثل هذه القوانين لم ترد مطلقا في تاريخ العلاقات الدولية، فإن تشريع الكونغرس يحمل سابقة خطيرة وإخلالا كبيرا بالقواعد القانونية والمبادئ الأساسية الدولية، ومن شأنه، حال الإصرار على إقراره، أن يزيد الفجوة بين الإدارة الأمريكية والشعوب العربية الإسلامية التي سئمت من السياسات الأمريكية المزدوجة في قضايا المنطقة. إن المملكة التي وقفت ضد الإرهاب بأشكاله وأنواعه كافة وتعاونت مع المجتمع الدولي لمكافحته على المستوى العالمي ستمضي في سياساتها الداعمة للحقوق العربية والإسلامية وستستمر في مكافحة الإرهاب ولن تتوقف عن دعم قضايا الأمة العربية والإسلامية، لأنها تقف مع الحق والعدل ضد الظلم والعدوان، ولن تغير في سياساتها الثابتة والمبدئية، لأنها دولة عميقة ذات مسؤولية تضامنية متكاملة. أما «جاستا» فليذهب في مهب الريح.. وستستمر السعودية في حراكها لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم.