يمثل رفض هيئة الانتخابات المركزية العراقية تسجيل «الحشد الشعبي» كيانا سياسيا دليل إدانة جديد ضد هذه الميليشيات التي تعمل خارج إطار القانون.. لكن هل تكون هذه الشهادة لشاهد من أهلها بمثابة ضربة قاصمة لسعي مرتزقة «الحشد» إلى تمرير قانون عبر مجلس النواب لتأطير عمله الطائفي وضمان حقوق منتسبيه الذي يرتكبون أبشع الجرائم ضد سنة العراق؟. لا شك أن إجابة هذا السؤال متروكة للأيام القليلة القادمة. لكن مراقبين عراقيين حذروا من أن شرعنة عمل هذه الميليشيات من خلال البرلمان العراقي سوف يمنحها الحصانة التي من شأنها فتح الباب أمامها على مصراعيه لتنفيذ مزيد جرائم القتل على الهوية دونما حسيب أو رقيب. ودق عدد من النواب العراقيين ناقوس الخطر، محذرين من المحاولات المشبوهة التي تجري على قدم وساق لإخراج «قانون الحشد» إلى النور، وأكدوا أن مشروع القانون - حال تمريره - سوف يدفع هذه الميليشيات إلى تنفيذ أجندات ضد مصالح العراق وشعبه، خصوصا أنه تشكيل شيعي يدين بالولاء لطهران وليس لبغداد. وفي هذا السياق، أعلن تكتل «تحالف القوى» أنه لن يصوت على هذا القانون، محذرا من أنه يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان بشكل سافر، في الوقت الذي أنهى مجلس النواب العراقي القراءة الأولى لقانون «الحشد الشعبي» الذي قدمته لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، فيما ينتظر البرلمان طرحه للقراءة الثانية والتصويت، وهو ما تسعى إليه بكل قوة كتل سياسية داخل التحالف الوطني الحاكم في العراق لتوفير الحماية والحصانة لميليشيات الحشد الطائفي من أي مساءلة قانونية. وعزا محللون سياسيون سعي التحالف الوطني إلى تسريع الخطى لتمرير قانون تحصين ميليشيات الحشد الطائفي إلى رفع الضغوط الإقليمية والدولية عن حكومة حيدر العبادي والتي تطالبها بإجراء محاكمات بحق هذه الميليشيات في التهم التي ثبتت فيها إدانتها وتتوفر الأدلة والوثائق اللازمة للتحقيق والتي كشفت عنها لجان التحقيق في مجزرة الصقلاوية في الفلوجة والمنظمات الدولية الأخرى، فضلا عن جرائم تكريت وصلاح الدين وغيرها من المدن العراقية التي تؤكد شهادات أهلها ارتكاب هذه الميليشيات انتهاكات كبيرة. واتهم محللون حكومة حيدر العبادي بالتورط سياسيا وجنائيا في جرائم الحشد بالصمت عليها وعدم تقديم مرتكبي الجرائم إلى المحاكم، رغم الاتهامات الموثقة للحشد من قبل بعض الأطراف السنية والمنظمات الدولية بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم ضد العراقيين، خصوصا في المناطق التي تم تحريرها من تنظيم «داعش». ورغم أن ميليشيات الحشد الطائفي تتمتع حاليا بصفتين قانونيتين، أولاهما ارتباطها برئاسة الوزراء ومنحها صلاحيات موازية لجهاز مكافحة الإرهاب، وثانيهما إقرار مجلس النواب في الموازنة مبلغ ملياري دولار لصالحها، إلا أنها لا تزال تلقى رفضا كبيرا على المستوى الشعبي، خصوصا من أهل السنة. يذكر أن هذه الميليشيات تكونت من مقاتلين شيعة بعد فتوى «الجهاد الكفائي» التي أطلقها علي السيستاني في أعقاب سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على مساحات واسعة في عدد من المحافظاتالعراق في يونيو 2014.