الكل اليوم يتضجر من ارتفاع رواتب الخادمات المنزليات، بل بات من الصعوبة الحصول عليهن، تناسوا أننا السبب في ذلك. بعد أن أصبحت الشغالة بمثابة ربة المنزل التي تقوم بكل شيء، انحصر دور غالبية ربات البيوت في الخروج ولقاء الصديقات والتسوق وغيرها. صحيح بات وجود الخادمات مهما في بعض الأحيان، لكن لماذا لا نعيد ترتيب أولوياتنا لنستغني عنهن؟ ربما أصبحت حاجتنا لهن بسبب الطفرة الاقتصادية التي عشناها السنين السابقة، وجعلت من معظم المنازل قصورا لو دخلناها الآن لوجدناها حجرات مغلقة يكسوها الغبار فكبر المساحات وكثرة عدد الغرف تحتاج لأيد عاملة، أنا لا أقول إننا يجب أن نعيش في عشش أو أكواخ لا، بل نشيد منازلنا بقدر احتياج عدد أفراد الأسرة. في الماضي كان المنزل كبيرا لأنه يضم الأسرة بأكملها من أب وأم وأبناء بأزواجهم وأبنائهم، لكن الآن الجميع يريد الاستقلالية بحياته، ويستغل المساحات دون استفادة منها، فلم تعد حجرات الضيوف تستخدم كالسابق، بعد أن تحولت غالبية اللقاء إلى الخارج. لماذا عندما نغترب بسبب البعثات نستطيع التعايش من غير الخادمة وفي بلادنا لا نستطيع؟ ستقولون متطلبات الحياة هناك مختلفة، صحيح لكن لماذا لا نعيد التفكير في متطلبات حياة سهلة لنا ونحن هنا في وطننا؟! لماذا لا نعود أبناءنا على مد يد العون في المنزل كما نفعل ونحن مغتربون، بحيث كل واحد مسؤول عن حجرته وملابسه، حتى أنت أيها الرجل تعيش هناك بقناع يزول بمجرد أن تعود لأرض الوطن، فما العيب أن تساعد والدتك، أختك أو زوجتك هل ذلك ينقص من رجولتك، أبدا، بل ستشعر المرأة التي تمد يد عونك لها كم تعني لك في داخلك. أصدقكم القول إننا نستطيع أن نستغني عن هذه اليد العاملة المقيمة بيننا بكل سلبياتها وبتنا نعاني من مشكلاتها، ونستعين بمن تعمل لدينا ساعة واحدة مرة أو مرتين في الأسبوع للأعمال الكبرى، هي قناعة، حتى نربي أبناءنا ليعتمدوا على أنفسهم. رنا المداح