لم تكن المملكة يوماً ما طارئة على التاريخ، يؤكد ذلك المكانة التي تحظى بها اليوم بين دول العالم، على المستويات الدينية والسياسية والاقتصادية والحضارية. عرفت المملكة الثقافة والحضارة تواتراً وامتداداً لإرث إنساني عروبي، إسلامي. تمثل كل ذلك في قدرة المملكة على استيعاب 9 ملايين وافد، ينتمون لأكثر من 150 دولة، ما وضعها موضع الاحترام الدولي باعتبارها جسراً رابطاً بين الثقافات الإنسانية، ولم تسجل المملكة يوماً ما قطيعة معرفية وحضارية مع تاريخها في الجزيرة العربية، بل كانت دائما ولم تزل ملتقى للحضارات الإنسانية. فالمكتشفات الأثرية في المملكة أثبتت أن بداية الاستيطان البشري على هذه الأرض يعود إلى العصر الحجري القديم الأسفل منذ مليون و200 ألف عام، وموقع الشويحطية الذي يقع على بعد 30 كم شمال مدينة سكاكا بمنطقة الجوف من الشواهد على ذلك. وتم اكتشاف أدوات حجرية بدائية مصنوعة من حجر الكوارتز، تدل على ارتباط الموقع بمواقع في شرق أفريقيا تعود إلى ما قبل الحضارة الآشورية. وتسجل الكشوفات بصفة دورية عراقة الإنسان في هذا المكان، ومنها الكشف عن عظمة بشرية وجدت في البحيرة الجافة بمحافظة تيماء يقدر تاريخها بأكثر من 90 ألف عام، وتعد أقدم عظام بشرية وجدت في الجزيرة العربية، كما تم العثور في الأطراف الغربية من صحراء النفود على أحفورة (ناب الفيل) ضمن مجموعة كبيرة من الأحافير لحيوانات عديدة شملت الغزلان بما فيها المها العربي والأبقار والجواميس البرية والخيل والذئاب وأفراس النهر والنمور والطيور والفيلة، اجتمعت حول بحيرة قديمة، تشير الدلائل الأثرية والجيولوجية فيها إلى أن عمرها يزيد على 500 ألف عام. في حين أرَّخت الأحافير التي وجدت بنحو 335 ألف سنة قبل الوقت الحاضر، ويبلغ طول ناب الفيل الذي عُثر عليه مترين و25 سينتيمتراً. من جهته، أكد المؤرخ الدكتور محمد آل زلفة أن التراث الحضاري للمملكة جزء أصيل من الحضارة الإنسانية، ونتاج طبيعي للتراكم الثقافي الذي تركته الحضارات القديمة على أرض المملكة، لافتاً إلى أسواق العرب التي أسهمت في التواصل بين المملكة والشعوب كافة، مشيراً إلى أن معظم المشاريع الإنسانية والثقافية أسهمت فيها المملكة بصورة كبيرة، وأقامت المراكز في كل دول العالم، وقدمت الإسلام نموذجاً متسامحا، وأسست مراكز لمكافحة الإرهاب، وحوار أتباع الأديان، وبها منذ 30 عاما مهرجان الجنادرية الذي تحضره النخب عربيا وعالميا. إضافة إلى استمرار الحج سنويا. وتفاعل كل عناصر البشر مع الإنسان في المملكة ثقافة واقتصادا وعلاقات اجتماعية. وعدّ من يحاول التشويش على الإرث الحضاري للمملكة أحمق، يتجاهل التاريخ، وينكر الفعل الحضاري الذي تبنته المملكة عربياً من خلال الجامعة العربية، وإسلامياً عبر منظمة المؤتمر الإسلامي، وعالمياً بشراكتها في كل برامج الأممالمتحدة التعليمية والتنموية والإغاثية. وأضاف أنه لولا المملكة ودورها لخدمة اللغة العربية لما تحدث يوسف زيدان وأمثاله بلسان عربي مبين. ولما تحررت شعوب من نير الاستعباد والقهر، مبدياً أسفه أن يتنكر طاووس لدور المملكة ويتجاهل ما أسهمت به مع مصر طيلة تاريخها. ويكفيه ما قمنا به عام 1973. وأسهم في استعادة أراض مصرية وتخليصها من الاحتلال الإسرائيلي. وحمّل آل زلفة الجامعات، ومراكز الأبحاث، والكتاب والمثقفين مسؤولية التعريف ببلادنا. وأقرّ بأن الجميع مقصّرون.