حين تتحدث وزارة الصحة عن أنها رصدت تجاوزات في المرافق الصحية والمستشفيات العامة والخاصة وأنها شددت على ضرورة منع تلك التجاوزات وعممت ذلك التشديد على كافة المرافق والمستشفيات في كافة أنحاء المملكة، حين تتحدث وزارة الصحة عن ذلك كله فإن من يقرأ ذلك الخبر سوف يذهب به الظن إلى أن أجهزة الرصد في وزارة الصحة قد رصدت تلك التجاوزات التي تتصل بمستوى الخدمات الصحية المقدمة له، غير أنه ما يلبث أن يتبين أن تلك التجاوزات التي رصدتها الوزارة وحذرت منها وشددت على ضرورة تلافيها إنما تتمثل في الاختلاط بين الرجال والنساء في المحاضرات الصحية التي تقيمها المستشفيات والمرافق الطبية. وللوزارة أن ترصد ما تشاء من تجاوزات وأن تحذر مما تشاء كذلك، غير أن الأمر حين يتعلق بالاختلاط في المحاضرات والندوات العلمية والتي عادة ما تقيمها المستشفيات والمرافق لمنسوبيها من أجل رفع كفاءتهم العلمية وربطهم بالمستجدات في مجال الخدمات الصحية، حين يتعلق الأمر بالتحذير من هذا الاختلاط فمن حقنا أن نتساءل عن الاختلاط بين الرجال والنساء من المراجعين الذين تكتظ بهم ممرات المستشفيات العامة والخاصة، ونتساءل عن الاختلاط في غرف الكشف حيث يوجد طبيب وممرضة ومريضة أو مريض، والاختلاط في غرف العمليات حيث يتكون الفريق الطبي من أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات وغيرهم وغيرهن من مكونات ذلك الفريق. وإذا كان بعض العلماء قد ميز بين الخلوة والاختلاط، فنص على تحريم الخلوة وعدم القطع بتحريم الاختلاط وفق ضوابط الأدب والحشمة ومقتضيات الضرورة، إذا كان ذلك كذلك كان لوزارة الصحة أن تنظر من هذا الباب فلا تضيق واسعا وتقطع بحكم خاصة أنها تتعامل مع أطباء وطبيبات يقوم عملهم على الاختلاط، وإن لم تر الصحة في هذا الاختلاط إلا مخالفة تستوجب منها التحذير فقد كان لها أن تعتبره «اختلاطا عارضا» ثم تمضي بعد ذلك في رصد مخالفات أخرى تتعلق بمستوى ما يقدم للمواطنين والمقيمين من خدمات صحية وتلزم المستشفيات أهلية وحكومية بضرورة معالجتها.