جاء مشروع «رؤية المملكة 2030» كأحد تجليات الفكر الخلاق الحديث الذي تعيشه المملكة في عهدها الجديد في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي حرص منذ توليه مقاليد الحكم على تجديد شباب الدولة بدءا من الدفع بالقيادات الشابة المتوثبة إلى المقدمة والمتمثلة في ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. ويمثل مشروع الرؤية، الخطة التنموية الأكبر بتاريخ المملكة كما أنها أكبر خطة تحول اقتصادي وطني قيد التنفيذ على مستوى العالم متضمنة إطلاق أكبر صندوق استثمار بقيمة 2.7 تريليون دولار، فضلا عن خصخصة أصول ب400 مليار دولار مما يعني فتح فرص ضخمة للشركات بنحو ستة ملايين وظيفة وتعزيز قطاعي التجزئة وتكنولوجيا المعلومات ب100 مليار دولار وكذلك إضافة دخل سنوي من خارج قطاعات النفط بنحو 30 مليار دولار بعد أربع سنوات بموجب خطة الإصلاحات الشاملة، وهذا يعني أننا أمام خطة استثمار إستراتيجية شاملة تساعد الأجيال القادمة على بناء غد مشرق لآفاقٍ واسعة تعود بالنفع على الجميع في هذا الوطن الغالي. ركزت الرؤية على سعادة المواطن والمقيم ووضعت ذلك الهدف في مقدمة أولوياتها، واهتمت بالشباب. الطاقة المتجددة على الرغم من تمتع المملكة بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أنها لا تملك -حتى الآن- قطاعا منافسا في مجال الطاقة المتجددة. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع مستوى الاستهلاك المحلي للطاقة ثلاثة أضعاف بحلول عام (1452ه 2030). لذلك تستهدف الرؤية إضافة (9.5) جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلي كمرحلة أولى، كما تستهدف توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في اقتصادنا، وتشمل تلك السلسلة خطوات البحث والتطوير والتصنيع وغيرها. كما أن المملكة تملك كل المقومات للنجاح في مجال الطاقة المتجددة، ابتداء من المدخلات مثل السيليكا والبتروكيماويات، وانتهاء بما تمتلكه الشركات السعودية الرائدة من خبرة قوية في إنتاج أشكال الطاقة المختلفة، لذلك تسعى رؤية المملكة إلى وضع إطار قانوني وتنظيمي يسمح للقطاع الخاص بالملكية والاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، فضلا عن توفير التمويل اللازم من خلال عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الصناعة لتحقيق المزيد من التقدم في هذه الصناعة وتكوين قاعدة من المهارات التي تحتاج إليها. وأخيرا، تسعى الرؤية إلى ضمان تنافسية سوق الطاقة المتجددة من خلال تحرير سوق المحروقات تدريجيا، وطرح مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة. تنمية قطاع التعدين أنعم الله على وطننا بمقدرات معدنية كالألمنيوم والفوسفات والذهب والنحاس واليورانيوم وغيرها. وقد جرى العمل على تطوير هذا القطاع وتأهيله ليساهم في الوفاء بحاجات الصناعات والسوق الوطنية من الموارد المعدنية، غير أن مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لا تزال دون المأمول. لذلك، ستوجه الرؤية جهودها نحو تطوير هذا القطاع الحيوي ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى (97) مليار ريال، وزيادة عدد فرص العمل في القطاع إلى (90) ألف فرصة عمل بحلول العام (1442ه – 2020). ولتحقيق ذلك، تقوم المملكة بإجراء عدد من الإصلاحات الهيكلية في هذا القطاع وإطلاق مجموعة من المشاريع، بما في ذلك تكثيف الاستكشاف وتسهيل استثمار القطاع الخاص في هذا المجال ومراجعة إجراءات تراخيص الاستخراج، وبناء نظام بيانات متكامل حول مقدرات المملكة، والاستثمار في البنى التحتية وتطوير أساليب التمويل وتأسيس مراكز التميز لدعم مشاريع القطاع، فضلا عن تنفيذ عدد من المشاريع بالشراكة مع القطاع الخاص، والعمل على رفع تنافسية وإنتاجية الشركات الوطنية عبر مجموعة من الشراكات الدولية لتساهم في نمو القطاع وتوطين المعرفة والخبرات. توطين الصناعات العسكرية إن الأثر الإيجابي لتوطين الصناعات العسكرية لا يقتصر على توفير جزء من الإنفاق العسكري فحسب، بل يتعداه إلى إيجاد أنشطة صناعية وخدمات مساندة كالمعدات الصناعية والاتصالات وتقنية المعلومات مما يسهم في خلق فرص عمل نوعية في الاقتصاد الوطني. يعد وطننا من أكثر الدول إنفاقا في المجال العسكري، حيث كنا في المركز الثالث عالميا في عام (1437ه 2015). غير أن أقل من (2 %) من هذا الإنفاق ينتج محليا، ويقتصر قطاع الصناعات العسكرية المحلي على سبع شركات ومركزي أبحاث فقط. وتهدف رؤية السعودية 2030 إلى توطين ما يزيد على (50 %) من الإنفاق العسكري بحلول (1452ه 2030). ولقد انطلقت المملكة في هذا الاتجاه، فبدأت بتطوير بعض الصناعات الأقل تعقيدا من قطع غيار ومدرعات وذخائر، وستواصل هذا المسار إلى أن تصل إلى توطين معظمها، وستوسع دائرة الصناعات الوطنية لتشمل الصناعات الأكثر تعقيدا مثل صناعة الطيران العسكري، وبناء منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المساندة بما يسهم في تحسين مستوى اكتفائنا الذاتي ويعزز من تصدير منتجاتنا العسكرية لدول المنطقة وغيرها من الدول. أرامكو تسعى الرؤية إلى تحويل أرامكو من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي يعمل في أنحاء العالم، فضلا عن تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى أكبر صندوق سيادي في العالم، وتحفيز كبريات الشركات السعودية لتكون عابرة للحدود ولاعبا أساسيا في أسواق العالم. وتشجيع الشركات الواعدة لتكبر وتصبح عملاقة. كما أن الرؤية سعت إلى تخفيف الإجراءات البيروقراطية الطويلة، وتوسيع دائرة الخدمات الإلكترونية، واعتماد الشفافية والمحاسبة الفورية، حيث أنشئ مركز يقيس أداء الجهات الحكومية ويساعد في مساءلتها عن أي تقصير. ثلاثة مرتكزات اعتمدت الرؤية على ثلاثة مرتكزات: العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، وأهمية الموقع الجغرافي الإستراتيجي؛ وفتحت مجالا أرحب للقطاع الخاص ليكون شريكا، بتسهيل أعماله، وتشجيعه، لينمو ويكون واحدا من أكبر اقتصادات العالم، ويصبح محركا لتوظيف المواطنين، ومصدرا لتحقق الازدهار للوطن والرفاه للجميع. هذا الوعد يقوم على التعاون والشراكة في تحمل المسؤولية. خدمة ضيوف الرحمن تبوأت المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في العالم، وأصبحت عنوانا لكرم الضيافة وحسن الوفادة، واستطاعت أن تحقق مكانة مميزة في قلوب ضيوف الرحمن والمسلمين في كل مكان، وتسعى الرؤية إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لمنظومة الخدمات المقدمة للمعتمرين (من نقل وإقامة وغيرها) والارتقاء بجودتها، وتعمل على تمكين ما يزيد على (15) مليون مسلم من أداء العمرة سنويا بحلول عام (1442ه 2020)، مع التأكيد على أن تكون نسبة رضاهم عن الخدمات التي تقدم لهم عالية. تنمية الموارد البشرية يؤسس برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية إدارة للموارد البشرية في كل جهاز حكومي، وسيقدم الدورات التدريبية لتطوير المهارات والمواهب، وستعمل الرؤية على رفع إنتاجية الموظف وكفاءته إلى أعلى مستوى، عبر تطبيق معايير إدارة الأداء والتأهيل المستمر، وبناء منصات رقمية للمهمات الأساسية المشتركة، وستضع سياسات لتحديد قادة المستقبل وتمكينهم، وتصنع بيئة محفزة، تتساوى فيها الفرص ويكافأ فيها المتميزون. تعليم يدفع عجلة الاقتصاد يسعى مشروع الرؤية إلى سد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، وتطوير التعليم العام وتوجيه الطلاب نحو الخيارات الوظيفية والمهنية المناسبة، وإتاحة الفرصة لإعادة تأهيلهم والمرونة في التنقل بين مختلف المسارات التعليمية. ويهدف المشروع إلى أن تصبح خمس جامعات سعودية على الأقل من أفضل (200) جامعة دولية بحلول عام (1452ه 2030)، ليتمكن الطلاب من إحراز نتائج متقدمة مقارنة بمتوسط النتائج الدولية والحصول على تصنيف متقدم في المؤشرات العالمية للتحصيل التعليمي.