الترشيحات التي سبقت مباراة فريقي الاتحاد والنصر، السبت قبل الماضي، في نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، حين ذهبت في نسبتها العظمى لترجيح كفة فريق الاتحاد، كان ذلك مبنياً من قبل النقاد والمحللين على عدد من المعطيات والمؤشرات، التي «يفترض» أنها تصب في صالح فريق الاتحاد. إلا أن لهذه «الافتراضية» مبدأ ترتكز عليه، وعلى مدى سلامة هذا المبدأ وتفاعله ولو «بأثر رجعي» تؤتي تلك المعطيات والمؤشرات ثمارها. ويتحول المفروض إلى واقع، والعكس صحيح أيضاً، ففي وسع انتفاضة واتقاد هذا «المبدأ» عند طرف و«ضموره» عند الطرف الآخر، أن يقلب «الموازين»، ويحقق التفوق، ويعصف بكل تلك الترشيحات، وذلك ما أثبته وحققه فريق النصر بمنتهى الاستنفار والإصرار، وعجز عنه فريق الاتحاد بمنتهى الخواء والتخاذل والانكسار!!. ذلك المبدأ هو «استشعار المسؤولية»، حيث منت الجماهير الاتحادية نفسها بتحركه في جوارح الفريق الاتحادي. في تلك المباراة، ولو بأثر رجعي، وهذه الجماهير الاتحادية التي يحلم ببعض كثافتها وعمق عشقها وديمومة حضورها وتميز مؤازرتها وأهازيجها أي فريق آخر، كان من أبسط حقوقها أن تتشبث ب «آخر بارقة أمل» في سماء منافسات موسمنا الرياضي الحالي، والتي تمثلت في أغلى البطولات وأهمها قيمة ومقاما. وكيف لا. وهي بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين. لكن هيهات وألف هيهات، ففاقد الشيء لا يعطيه، وأحر ما عند جماهير الاتحاد الاستثنائية، أبرد ما عند «هذا الفريق» الذي قدر لنادي الاتحاد العريق، أن يكون ممثله الأول في كرة القدم، وحاملا لاسمه الشامخ، الذي ظل حتى الماضي القريب لا يمثل فريقه الأول إلا من هم من طراز أولئك النجوم الأوفياء، الذين جُبلوا على التضحية وإنكار الذات، فترجموا اسم الاتحاد إلى معنى. وحولوا أقصى التطلعات إلى واقع مبهر ومشرف، ولم يكتفوا بالهيمنة على كافة البطولات المحلية (بالجملة والقطاعي)، بل حملوا على عاتقهم بكل ثقة تشريف رياضة الوطن عامة، وهو الفريق السعودي الوحيد الذي حقق كأس آسيا مرتين متتاليتين ولم يحققهما من بعده حتى الآن أي فريق سعودي، وفي ضوء ذلك «الإعجاز» المشرف وغير المسبوق، تشرف نادي الاتحاد بأسمى وأرفع تكريم، حيث منحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يرحمه الله. لقب نادي الوطن. ولم نعد نرى اليوم، من بعد ذاك الفريق الاتحادي ونموره الأشاوس غير «السراب» فمن ذا الذي يرتجي شيئاً من السراب؟!. والله من وراء القصد.