سلامة المريض في الرعاية الصحية هاجس يؤرق الجميع، ومن المعروف أنها تستلزم توفر عناصر الرعاية بما في ذلك البنى التحتية والمكونات الإنشائية، حسب ما يمليه الغرض الخدمي الصحي وما يحتمه من اشتراطات إدارية وفنية في المكان، بما في ذلك سهولة الوصول إلى المبنى، وكذلك معايير المكونات التجهيزية فضلا عن متطلبات التشغيل والصيانة واتباع مقتضيات السلامة وتوفر ضماناتها، وعناصر الخدمة من قرى بشرية مؤهلة ومعدات وأجهزة لازمة لأداء الخدمة – كما ونوعا – إلى جانب مدونات الطبية، وتطبيق معايير وآداب الخدمة والالتزام بأخلاقياتها. وبالنظر لخصوصية الخدمة الصحية اقتضى الأمر وضع لوائح تنظيمية وتنفيذية وتشريعية لضبط المكونات الإنشائية والتجهيزات والخدمة الصحية في مختلف أوجهها. وفيما يتعلق بالجانب الإنشائي، يتطلب في مكونات البناء توفر عوازل للأشعة في أماكن معينة ومحددات للوصول إلى أجزاء كالمختبرات وتوفير اشتراطات الأجهزة والمعدات التشخيصة والعلاجية، ووجود أماكن وغرف وأجنحة عزل المرضى لأسباب صحية تتعلق بسلامة العاملين والمراجعين والمرضى إلى جانب تمديدات صحية خاصة للغازات والمياه والصرف الصحي للمواد المستخدمة في التشخيص والعلاج الدوائي والجراحي. وفي دلالة ذات صلة عمد الشيخ الرئيس إلى نشر قطع من اللحم في أنحاء بغداد ليعود وبنظر أين كانت القطعة التي تعرضت لأقل قدر من التعفن وليستدل من ذلك على الموقع المناسب لإنشاء المشفى. وفي جانب التشغيل والعمل الوظيفي – الإداري والفني – والخدمة المهنية الصحية تفرض سياسات وأنماط إدارية وفنية وشرعية وتنظيمية وأخلاقية ضمن أطر العمل ومتقضيات «مزاولة المهن الصحية» تضمن عدم الحيود عن العمل المهني وما يقتضيه من سلوكيات سوية والتزام مهني وأخلاقيات وعادات مرعية فضلا عن المحددات الشرعية والقانونية والعادات والأعراف المرعية. وأدركت الجهات والعاملون من ذوي الصلة بالطبابة بأن الأمر له جوانب عدة، وصور متعددة تتصل بكل أعمال الطب ومنها مقتضيات التشخيص والرعاية التي تتطلب أن يطلع الطبيب وأعضاء الفريق الصحي الآخرين – على أمور تعتبر شخصية ومن خصوصيات، وربما أسرار المريض، فضلا عن الاطلاع على أجزاء من جسمه، بل وربما ما قد يعد عورات، ما يتطلب العمل الطبي إجراء الكشف الطبي عليها. وأدركت الجهات المعنية أن ذلك يستلزم وضع أنظمة تشمل محددات تغطي مختلف الجوانب المهنية وإجراءاتها ومعاييرها وبضبط ممارساتها وأخلاقياتها، ويضع تعريفات للمخالفات والعقوبات المناسبة للحيود عنها، وفي ضوء ذلك تطلب إجراء عملية للقيصر أن يقدم المشرط للطبيب كناية لموافقته على إجراء العملية له من قبل الطبيب. ووضع حمورابي أسسا لمزاولة الطب وألزم أباقراط الاجباء بالقسم الطبي (الأخلاقي) مما يؤمل معه الالتزام النظامي (القانوني) بمقتضياته، واهتم الأطباء المسلمون بأخلاقيات مهنة الطب وآدابها وعلومها، والفوا فيها الكتب والفصول ومنهم أبو بكر الرازي الذي ألف كتاب (أخلاق الطبيب) ومحمد المالكي المعروف بابن الحاج فكتابه (المدخل) وآخرون ضمنوا خصوصا أخلاقية كما في (عيون الانباء في طبقات الأطباء) لأحمد بن القاسم بن خليفة المعروف بابن ابي أصيبعة. وفي العصر الحديث، أصدر علماء «دستور» نورمبيرغ (1947م) لأخلاقيات البحث العلمي بعد الحرب العالمية الثانية وتوالت الأنظمة والمواثيق تباعا بعد الحرب العالمية الثانية ومنها: - إعلان حقوق الإنسان (جنيف 1948م). - إعلان منظمة الصحة العالمية (مؤتمر ألما أنا – كازاخستان (1978م). - إعلان منظمة الصحة العالمية (الحق في الرعاية الصحية الأولية). توفير الصحة للجميع بحلول عام 2000). - إعلان جمعية المستشفيات الأمريكية (1973م) – لائحة حقوق المرضىِ. - الإعلان الأوروبي لحقوق المرضى (1992م). - وثيقة حقوق المريض الأوروبية (2002م). * عضو اللجنة الصحية في مجلس الشورى أ.د. محسن بن علي فارس الحازمي*