عندما يزور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز غدا الأحد، البرلمان المصري، ويلقي كلمة فيه، فإنه سيخاطب 90 مليون مصري، في رسالة حب وإخاء من الشعب السعودي، لإطلاق مرحلة جديدة في العلاقات الإستراتيجية بين بلدين يقفان على أرضية صلبة في مواجهة قوى الإرهاب التي تريد الفتك بهما وبالمنطقة. زيارة خادم الحرمين الشريفين لمجلس الشعب المصري تعتبر الأولى لملك سعودي وحتما ستكون فرصة ذهبية للتأكيد على قوة ومتانة العلاقات السعودية وحرص المملكة لتوحيدها، إذ إن تقوية الشراكة السعودية المصرية ستكون حتما خطوة حقيقية لتوحيد الصف العربي وتجاوز الخلافات العربية العربية، بوصف الدولتين ركيزتي النظام العربي ودرع الحماية والأمان له وحصن الدفاع الصلب عن الأمة العربية والمنطقة كلها، في مواجهة الأخطار التي تهددها والأعداء المتربصين بها من كل جانب. الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين إلى مصر، لاتزال في ذروتها، مع التوقيع على 17 اتفاقية بين الجانبين أمس، وإعلان الملك سلمان إنشاء جسر بري يربط البلدين وهو الأمر الذي سيرفع التبادل التجاري بين البلدين ويشكل منفذا دوليا لمشاريع واعدة. ومن المؤكد أن التنسيق والتشاور بين الدولتين لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة العربية، سينعكس إيجابيا على وحدة العمل العربي المشترك، ومحاصرة الأزمات التي تشهدها المنطقة، وتعزيز قوة وتماسك العلاقات السعودية المصرية، لاسيما أن الزيارة الملكية تأتي في ظل ظروف ومتغيرات دولية وإقليمية غاية في الخطورة والتعقيد، وسط صراعات واسعة في المنطقة، وتمدد للمنظمات الإرهابية، وتصب الزيارة في صالح تقوية التضامن العربي، إذ يشكل البلدان قطبي المواجهة على الصعيد الأمني والسياسي، فضلا عن مواجهة الإرهاب ولجم تدخلات إيران في دول المنطقة، واستكمال منظومة التحالف الإستراتيجي بين البلدين، خصوصا فيما يتعلق بالتعاون العسكري الذي وضحت معالمه بالمشاركة المصرية في التحالف الإسلامي ومناورات رعد الشمال. إن قوة العلاقات بين مصر والسعودية، هي قوة للأمن الإستراتيجي العربي، ومصر تمثل عمقا إستراتيجيا للمملكة، والمملكة تمثل عمق مصر الإستراتيجي، وإليهما تتطلع أنظار الأمتين العربية والإسلامية. وإذا كانت زيارة الملك عبدالعزيز التاريخية لمصر التي استمرت 12 يوما في يناير 1946، لتغير مجرى الأحداث العربية، زيارة غير مسبوقة في التاريخ العربي والإقليمي، وأسست لملامح المنطقة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما نتج منها من دعائم أسست لشراكة سعودية مصرية بعيدة المدى، فإن زيارة الملك سلمان التي تعتبر استمرارا للسياسات السعودية لدعم مصر، ستكون تدشينا لشراكة حقيقية لعقود طويلة.