حين كان الاقتصاديون يكادون يتفقون على أنه من الصعب -إذا لم يكن من المحال- أن يتحرر الاقتصاد السعودي كليا من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل على المدى المتوسط في ظل انخفاض سعر البرميل الواحد المدعوم بتباطؤ اقتصادات العالم، كانت العاصمة الرياض تشهد عاصفة من الاجتماعات المتتالية بين الوزراء، واتصالات تنسيقية مكثفة بين وكلاء الوزارات لإيجاد حلول النهوض باقتصاد إنتاجي لا يعتمد على مصدر وحيد. ولم يجد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع حرجا في أن يكون حاضرا باستمرار كطرف آخر في المحادثات الهاتفية، رغم انشغاله في عديد من ملفات المنطقة المحقونة بالتغيرات الجيوسياسية، وحضوره الدائم في اجتماعات مجلس الاقتصاد والتنمية.. كل ذلك من أجل توطئة الحل النهائي بجملة من الحلول التمهيدية في قطاعات التجارة، والصناعة، والاستثمار، والخدمات، والزراعة، والطاقة وغيرها لكي تكون الأساس والمنطلق. تلك الاجتماعات كانت تحمل في أجندتها عدة مشاريع، منها مشروعان كبيران أحدهما «الصندوق السيادي» الذي تم الإعلان عنه، والآخر سيعلن عنه بعد الانتهاء من إجراءاته، وسيكون موازيا له في الأداء والقوة. اختيار الصندوق السيادي بالذات، جاء من أجل توفير العوائد التي ستجعل دخل النفط مجرد إضافة وليس ركيزة، الأمر الذي سيجنب السعودية كثيرا من الضرر المباشر وغير المباشر الذي قد يلحق باقتصادها نتيجة التقلبات الاقتصادية العالمية التي تنعكس مباشرة على السوق السعودية باعتبار أن المملكة دولة مستوردة، وبالتالي يتكون رافد متماسك لميزانية الدولة. وأكثر ما يطمئن الاقتصاديين السعوديين أن أداء الصناديق السيادية يكون سببا في الاحتفاظ بالثروات النفطية، وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي الدكتور بسام الميمني الذي أوضح ل«عكاظ»: أنه بات بالإمكان استثمار نصف رأسمال الصندوق في الخارج ما يجعل الأمر متاحا للعمل على الأصول المقومة بعملات مختلفة، مضيفا: مثل هذه الخطوة يمكن من خلالها تحقيق التنوع الذي يحول دون الارتهان على التركيز في اتجاه واحد. وزاد بقوله: من الميزات التي يمكن الاستفادة منها في هذا الإطار، الدخول في منظومات اقتصادية عالمية تختلف عن الاقتصاد السعودي، وهذا سيتيح إمكان تعويض التراخي الذي قد يطرأ على الاقتصاد المحلي لأي سبب من الأسباب بالعوائد المتأتية من الدورات الاقتصادية الخارجية.