توقفت وتباطأت بعض المؤسسات الحكومية في صرف مستحقات الشركات الإنشائية والهندسية المتعاقدة على تنفيذ مشاريعها والقيام بأعمال الصيانة، ويحكي لي مهندس سعودي تشرف شركته الهندسية على تخطيط وتنفيذ مشاريع إحدى الجامعات الناشئة أن مدير الجامعة عبر له صراحة عن أن المستحقات التي تأخر صرفها أكثر من 8 أشهر ما زالت في علم غيب الاعتمادات المالية ! المشكلة هنا ليست في تأخر صرف المستحقات وما يترتب عليها من أعباء على الشركات والمؤسسات المنفذة للمشاريع تجاه التزاماتها لصرف مرتبات موظفيها وتغطية نفقات أعمالها وحسب، بل إن من المثير للسخرية أنه رغم التأخر في صرف المستحقات فإن أي تأخير أو توقف عن تنفيذ الأعمال يعني تطبيق العقوبات والغرامات المالية الجزائية التي نصت عليها العقود عند التخلف عن الجدول الزمني للتنفيذ ! سبحان الله، هذه الإدارات الحكومية تجعل الشركات والمؤسسات تواجه شبح الإفلاس وتعجز أو تعاني في صرف مرتبات موظفيها وتغطية نفقات تسيير أعمالها وتحرمها من مستحقاتها، وفي نفس الوقت الويل لها ثم الويل إن توقفت عن الاستمرار في أعمالها أو الوفاء بالتزاماتها ! هذه لم تعد علاقة عمل بين طرفين يحكمها منفعة مقابل أجرة، بل أصبحت علاقة «سخرة» يعمل فيها طرف لحساب الطرف الآخر بلا حول ولا قوة ، إن عمل لم يستلم مستحقاته، وإن توقف عن العمل عوقب بالخصم من مستحقاته التي لم يستلمها، وفي كلتا الحالتين .. المستحقات في علم الغيب !