المرض الهولندي (Dutch Disease)، تعبير دخل قاموس المصطلحات الاقتصادية على الصعيد العالمي، منذ أكثر من 30 عاما، ويعبر عن العلاقة الظاهرة بين ازدهار التنمية الاقتصادية بسبب الموارد الطبيعية وانخفاض قطاع الصناعات التحويلية، وذلك حين أصاب الشعب الهولندي الكسل والترف في الحياة الاجتماعية، إضافة الى البذخ في الإنفاق الاستهلاكي نتيجة اكتشاف النفط في بحر الشمال، واعتمادهم عليه مصدرا وحيدا للدخل القومي وكانت نتيجة هذا كله اضمحلال النشاط الإنتاجي -الصناعي بالذات- وعدم تنويع مصادر الدخل. والمعنى الأشمل في هذا المجال ينصرف إلى مفهوم العلاقة بين التوسع في استغلال هذه الموارد الطبيعية، وبين الانكماش في مجال الصناعات التحويلية، وهي العلاقة نفسها التي تفضي إلى مزيد من العوائد المالية، وقليل من فرص العمل الوطنية، وربما مزيد من استيراد قوى عاملة أجنبية، في ظل انكماش تصدير المنتجات المحلية المصنعة التي تفقد باطراد مزاياها النسبية من جهة، ولا تكاد تصمد للمنافسة السعرية في أسواق التبادل التجاري الدولي من جهة أخرى. وهذه الحالة لم تكن قاصرة على هولندا فقط، بل أصابت نيجيريا وأذربيجان وبريطانيا وبعض الدول، وفي حالة النرويج التي تحصنت من المرض الهولندي قبل استفحاله في البلاد تم توجيه عائدات النفط إلى صندوق سيادي يستثمر في الداخل والخارج، والآن بعد ظهور أعراض هذا المرض على اقتصادنا ما هو العلاج والوقاية من تبعاته؟ الحمد لله أن الدولة استشعرت هذ الأمر وبدأت في برنامج التحول الوطني بخطوات وأهداف مدروسة أهمها؛ زيادة العوائد غير النفطية، تنويع مصادر الدخل والتركيز على صناعة التعدين، التوجه لتخصيص بعض القطاعات الحكومية وعلى رأسها شركة أرامكو، التركيز على التنشيط السياحي داخل المملكة والتوسع في السياحة الدينية. وأخيرا يجب التركيز على الاستثمار في تطوير قدرات المواطنين وتوظيف طاقة العمل وملكات الإبداع في الشباب السعودي. أحمد محسن العطاس