حملت ميزانية العام الجديد دلالات قوية على امتلاك حكومة المملكة الخبرة والدراية في التعامل مع الأزمات الاقتصادية المحلية والعالمية، ومتانة ورسوخ البنية الأساسية للاقتصاد السعودي، كما أنها تمضي قدما نحو استمرار سياسات الإنفاق، رغم الانخفاض اللافت لأسعار النفط واستمرار الأزمات والتوترات الإقليمية والعالمية. وأكدت غرفة الشرقية في قراءتها التحليلية للميزانية، التي أصدرها مركز المعلومات والدراسات أن الميزانية جاءت محملة بمؤشرات عدة على استمرار الإنفاق الحكومي المتواصل على مشاريع البنية التحتية، والاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، التي تقوم بها لتمكين القطاع الخاص غير النفطي من تحقيق نمو قوي واسع النطاق، وذلك في إطار ما تنتهجه المملكة من سياسات تهدف إلى تنمية وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد. وركزت القراءة على تشجيع القطاع الخاص وتحفيزه للاستثمار في قطاع التجهيزات الأساسية وإدارتها على أسس تجارية، مشيرة إلى أن الميزانية سلكت دربا أكثر توازنا لاسيما من ناحية آليات توجيه الإنفاق على القطاعات المختلفة، بتخصيص 191,659 مليار ريال من الميزانية لتنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها في مجالاتها المتعددة. وفيما يتعلق بالدين العام، أبانت القراءة، أن إصدار سندات تنمية حكومية خلال العام المالي الحالي بمبلغ 98 مليار ريال، استثمرت فيها المؤسسات المالية المحلية، بذلك سيبلغ صافي الدين العام بنهاية العام المالي الماضي 1437/1436 (2015) نحو 142 مليار ريال، ويمثل ما نسبته 5.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لهذا العام. وعززت القراءة، من بند تأسيس مخصص دعم الميزانية العامة بمبلغ 183 مليار ريال لمواجهة النقص المحتمل في الإيرادات، الذي من شأنه منح مزيد من المرونة لإعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشاريع القائمة والجديدة لمقابلة أي تطورات في متطلبات الإنفاق وفق الآليات والإجراءات التي نصت عليها المراسيم الملكية المنظمة لهذه الميزانية، وتوقعت بأن تواصل صناديق التنمية الحكومية (صندوق التنمية الصناعية السعودي، وصندوق التنمية الزراعية السعودي، وصندوق التنمية العقارية، وبنك التسليف والادخار) ممارسة مهامها في تمويل المشاريع التنموية المختلفة بأكثر من 49.9 مليار ريال. وفيما يتعلق بتطورات الاقتصاد الوطني، توقعت القراءة، أن يبلغ الناتج المحلى الإجمالي لهذا العام 1437/1436 (2015)، وفقا لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء 2.450 مليار ريال بالأسعار الجارية بانخفاض نسبته 13.35 في المئة مقارنة بالعام المالي السابق 1436/1435 (2014)، مشيرة إلى احتمالية أن يحقق الناتج المحلى للقطاع غير النفطي بشقيه الحكومي والخاص نموا بنسبة 8.37 في المئة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 14.57 في المئة والقطاع الخاص بنسبة 5.83 في المئة، أما القطاع النفطي فسينخفض بنسبة 42.78 في المئة بالأسعار الجارية. وبالأسعار الثابتة لعام (2010)، رأت القراءة أنه قد يرتفع الناتج المحلى الإجمالي بنسبة 3.35 في المئة، وأن ينمو القطاع النفطي بنسبة 3.06 في المئة، والقطاع الحكومي بنسبة 3.34 في المئة والقطاع الخاص بنسبة 3.74 في المئة، كما أوضحت أن الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلى الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي حققت نموا ايجابيا؛ إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في نشاط الاتصالات والنقل والتخزين إلى 6.10 في المئة، وفى نشاط التشييد والبناء 5.60 في المئة، وفى نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 3.86 في المئة، وفي نشاط الصناعات التحويلية غير النفطية 3.23 في المئة، وفى نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات والأعمال إلى 2.55 في المئة. أما معامل انكماش الناتج المحلى الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل، توقعت القراءة بأن يشهد ارتفاعا نسبته 2.02 في المئة في عام 1437/1436 (2015) مقارنة بما كان عليه في العام السابق، كما ألمحت إلى ارتفاع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة خلال عام 1437/1436 (2015) بنسبة 2.2 في المئة عما كان عليه في عام 1436/1435 (2014) طبقا لسنة الأساس (2007).