لم تكد الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها مغيرة موازين القوى، حتى دوت في غرب الكرة الأرضية صرخة صغيرة داخل إحدى زوايا بروكلين النيويوركية، معلنة عن ميلاد حياة جديدة في مولودة قدّر لها أن يكون توقيعها سببا في عاصفة اجتاحت معظم الأسواق المالية الدولية خلال عام 2015؛ ليسفر عن ذلك تقافز وتهاوي المؤشرات في «الشارتات» مرات إلى القمم ومثلها إلى القيعان. ومن غيرها فعل ذلك؟!!.. هي «جانيت لويز يلين» التي جاءت من أغسطس عام 1946 لتعتمد الأسبوع الماضي تصويت المجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي القاضي برفع سعر الفائدة لأول مرة منذ 10 سنوات؛ مقدمة ل «الدولاريين» صفحة جديدة، وبداية تختلف عما كان عليه الوضع قبل عام 2005 حين شهد آخر قرار خاص برفع الفائدة آنذاك. «جانيت» الوليدة، والرضيعة، والطفلة في بروكلين.. لم يكن لها شأن حينها كما هي الآن وهي في ال 69 من عمرها؛ فقد أمضت نشأتها ودراستها كأي فتاة أمريكية لكن قصة تلاقيها مع المجلس الاحتياطي جاءت بعد حصولها على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد مع مرتبة الشرف ثم نيلها شهادة الدكتوراة خلال 4 سنوات. تلك القصة بدأت من خلال عملها في المجلس كخبيرة بالتزامن مع عملها كمدرسة في جامعة هارفارد قبل أن يصدر قرار بتمكينها من العضوية. ولأنها تحمل هما وهمة؛ فقد تمكنت من مزج مكاسب خبراتها مع مجال تخصصها التعليمي في أمريكا وبريطانيا حتى صارت جاهزة للعمل كمستشارة اقتصادية في إدارة رئيس بلادها الأسبق «بيل كلنتن» قبل أن يرشحها الرئيس الحالي «باراك أوباما» لتولي منصب رئاسة المجلس الفدرالي - كأول امرأة تتولى هذا المنصب في التاريخ الأمريكي - ويوافق على ذلك مجلس الشيوخ لتحل مكان «بن برنانكي» بعدما كانت نائبة له. غير أن اللافت في حياتها العملية هو استماتتها في الدفاع عن ملف تقليص البطالة كونها تجد في ذلك منطلقا إنسانيا، الأمر الذي قد يفسر أسباب التحسن الواضح في تقارير وظائف القطاع الخاص الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة الماضية؛ لاسيما وأنها تمتلك الخبرة في أسباب نشوء البطالة وآثارها، وكيفية معالجتها. وعلى الرغم من تعاطياتها الاقتصادية المتنوعة، إلا أن الآراء تنقسم حولها، فمنهم من يجد لها سلبيات عديدة أبرزها حين تتحول إلى لغم في طريق التسويات الاقتصادية مع التضخم إذا تعلق ذلك بوظائف الأمريكيين، والبعض الآخر يجد في وجودها على رأس هرم البنك المركزي الأمريكي دعما حقيقيا لخدمة شعب بلادها.