تضع صحيفة «عكاظ» تحت اسمها عبارة رفيعة وذات مدلولات كبيرة «عكاظ.. ضمير الوطن.. صوت المواطن». تاريخ «عكاظ» في خدمة الوطن والمواطن مشرف ورجالاتها أوفياء للوطن الكبير المملكة العربية السعودية وللانتماء لهذه الصحيفة التي لها مكانة متقدمة عند القراء حتى وإن اختلفوا معها أحيانا. لا شك في أن لهذه العبارة مدلولاتها الوطنية والإنسانية. ظلت «عكاظ» متألقة وناضجة منذ تأسيسها ومواقفها المهنية ثابتة لا تتزحزح، ومشهود لمن تعاقبوا على رئاسة تحريرها بالمهنية والمواقف الوطنية في كل الأزمات والتحديات التي مرت بها البلاد. اليوم أتشرف بأن أكون ضمن كوكبة رجالات «عكاظ»، مكملا معهم المشوار لخدمة الإعلام السعودي في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها المنطقة والعالم. «عكاظ» ليست صحيفة تصدر كل صباح فقط، وإنما منبر عتيق عريق للسياسة والتاريخ والشعر والثقافة والحياة. كان العرب في الجاهلية يجتمعون في سوق عكاظ بالقرب من الطائف «يتعاكظون»، ينثرون الشعر والفخر، و«عكاظ» أيضا صدرت أسبوعية من الطائف، ودورنا والزملاء في الصحيفة إكمال المسيرة والعمل على التطوير والتفاعل وتوسيع قاعدة القراء. نعد القراء أن نكون صورة حيوية تفاعلية في الحضور الإعلامي المبني على ثلاثية «المهنية والموثوقية والمصداقية». لن نقول حاسبونا مباشرة، لكن نطلب منكم الصبر علينا فترة كافية، وبعدها قولوا ما شئتم إذا لم نقدم رؤية جديدة وأفكارا تتواءم مع المرحلتين الراهنة والمستقبلية بأطروحات تساند الوطن وتدعم المواطن وتقول الحقيقة، وربما لا تخلو من المشاغبات المهنية. ربما يقول البعض إن من حسن الحظ، أن صحيفة «عكاظ»، الأولى على مستوى المملكة من حيث عدد القراء، ونسب التوزيع والانتشار، ولكن أعتقد أن المهمة في هذه الحالة تكون أصعب في الحفاظ على الصدارة ومواصلة بوصلة التقدم والتطوير ومواكبة مشوار الزملاء الراحلين منهم والباقين، الذين خدموا «عكاظ» بكل ولاء وتفانٍ. المهمة ليست صعبة، لكن الجلوس على كرسي «عكاظ» الساخن، ليس ترفا. كما أن العمل في صحيفة «عكاظ» أشبه بالوقوف على منبر سوق عكاظ، يعني أن تأتي بالجديد، لذلك لهما الهيبة نفسها سواء عند كتابة مادة صحافية رصينة لتقرأ، أو إلقاء قصيدة مسرجة للحياة يتداولها الجمهور، وهو ما يدعونا إلى الحرص على المزيد من التميز والتطور وقبول التحدي. نعد القراء أن تكون «عكاظ» منبرا لإحياء الحالة التاريخية والثقافية والإبداعية التي تزدحم بها الذاكرة السعودية والعربية، وسنفتح الباب لشباب الوطن نحو المشاركة الفاعلة والتفاعلية مع القضايا الوطنية، إلى جانب كتابنا الكرام. أكثر من 55 عاما منذ أن أصدر عدد «عكاظ» الأول الأديب الكبير الراحل أحمد عطار في 28 مايو 1960، وتناوب على رئاسة تحريرها عدد من الزملاء المبدعين، رحم الله من رحل وأتم الصحة على الباقين، وهنا لابد أن نذكر الصديق الزميل أبا أيمن هاشم عبده هاشم، الذي نقل «عكاظ» نقلات تطويرية مهمة، وكذلك الزملاء محمد التونسي، عبدالعزيز النهاري، أيمن حبيب، وأخيرا الزميل القدير محمد الفال، وقبلهم أسماء كبيرة تبقى خالدة في الذاكرة، عزيز ضياء، محمود عارف، عبدالله عمر خياط، عبدالله الداري، ورضا لاري. ستبقى «عكاظ» صحيفة يومية لا تغيب عن الحدث وتتابع أسبابه وخلفياته، وستكون حاضرة بشكل يومي بمواضيع جديدة تغطي الشؤون المحلية والإقليمية والدولية، مع التركيز على هموم الناس بتحقيقات موضوعية، ونعدكم خلال الفترة المقبلة بتدشين ملاحق يومية وأسبوعية وشهرية. الأهم بالنسبة للزملاء، أن الصحيفة ستعتمد سياسة «العمل الجماعي»، ولن نقفز على الحقائق ولن نحتكر المعرفة، بل سنشارك الجميع الرأي والرؤية، ونحاول الاستفادة من كل زميل، حتى نقدم الجديد المفيد، على أمل أن تشكل الصحيفة خلال الفترة المقبلة رؤية مهنية تفاعلية قريبة من الأحداث والقضايا وطموح القراء بما لا يتجاوز على ثوابت الدين وأمن الوطن. الشكر لوزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي، الذي يسير بخطى ثابتة، ونتمنى أن يشهد الإعلام السعودي في وقته مرحلة متطورة. شكرا من القلب للشيخ عبدالله صالح كامل رئيس مجلس إدارة «عكاظ»، الذي عرفته نعم الرجل الوفي النبيل الملتزم بالكلمة الحرة. شكرا للزملاء من الصحافيين والآخرين، الذين قدموا التهاني وساندوني منذ اليوم الأول. والشكر أيضا لصحيفة الوطن التي احتضنت قلمي خلال فترة «الاستراحة» كما وصفها الصديق المتألق حسين شبكشي. أخيرا، لولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز كلمة تعجبني كثيرا «لا يمكن أن نبقى متأخرين فيما الإعلام يتطور.. لابد لإعلامنا أن يتطور». نحن في زمن، لا شيء يمكن إخفاؤه ولا شيء لا يُكتب ولا يُقال ولا يشاهد مهما حاولنا تجاوزه، لذلك المملكة مع حرية الإعلام المسؤولة. شكرا لكم.. محبتي لكم.