كثيرا ما كتبت وتحدثت وكتب وتحدث غيري عن ضرورة تغيير شعار وزارة الصحة من (المريض أولا) إلى (الإنسان أولا). ذلك أن الهدف من الرعاية الصحية هو العناية بصحة الإنسان قبل أن يمرض (بالوقاية) وعندما يمرض (بالعلاج) وبعد أن يشفى من مرضه (بالتأهيل). واليوم تصلني رسالة من أخي وصديقي د. عماد كوشك عميد كلية الطب بأبها، يبشرني فيها بأنه في مؤتمر مرض السكري وزيادة الوزن الذي عقد مؤخرا اتخذ قرار (أو هي توصية لا أدري) بتحويل شعار وزارة الصحة من «المريض أولا» إلى «صحة الإنسان أولا». لقد سعدت أيما سعادة بهذا الخبر.. فهذا يعني أن الرعاية الصحية في بلادنا سوف تأخذ مسارا آخر غير الذي عهدناه، مسارا يولي الوقاية من الأمراض حقها من الاهتمام بما في ذلك تفعيل وتنشيط برنامج التثقيف الصحي، ورعاية الأمومة والطفولة، والتغذية، وصحة البيئة، ومكافحة الأمراض المتنقلة والمزمنة، والإحصاء الحيوي، وغيرها من البرامج الوقائية، مسارا تغبط عليه وزارة الصحة والقائمون عليها. بيد أن هذه الصورة المشرقة لن تكتمل إلا إذا هيأنا لها أدواتها. وأهم أدواتها على الإطلاق هي القوى البشرية العاملة في القطاع الصحي والتي سيكون عليها المعول في القيام بهذا الدور الشمولي للرعاية الصحية. مؤسساتنا التعليمية الطبية وأعني بها كليات الطب والعلوم الطبية والمعاهد الصحية تركز في مناهجها على علاج المريض (المريض أولا) ولا تعطي للجانبين الوقائي والتأهيلي حقهما كما ينبغي. ومن هنا لابد أن يجلس المسؤولون عن الصحة مع المسؤولين عن التعليم الطبي ليطرحوا السؤال التالي: ما الذي نريده من التعليم الطبي لكي يصل بنا إلى تحقيق مبدأ «صحة الإنسان أولا «. ولسوف يتمخض الاجتماع بلا مراء عن تغيير مطلوب في مناهج كليات الطب والعلوم الطبية والمعاهد الصحية من أجل تحقيق هذا الهدف.