الفوارة.. أو كما يطلق عليها (عاصمة القمح البلدي)، مركز ضارب في جذور التاريخ كأحد أهم مناطق القصيم في جهتها الشمالية الغربية وكملتقى قديم وحديث للقوافل العربية. اشتهر المركز بغزارة إنتاجه من القمح البلدي.. لكن هذه المزايا لم تمنح الفوارة أي مزايا خدماتية إذ يفكر أغلب سكانها بالنزوح والهجرة لأسباب كثيرة لعل أهمها بعد المركز عن المدن الكبيرة إذ إن أقربها (الرس) تبعد عنها بنحو 100 كيلومتر. صحيح أنها مصنفة إداريا من مراكز الفئة (أ) غير أن التصنيف لم يضف لها أية خصائص حتى كلمة محافظة برغم اتساع مساحتها وكثافة عددها السكاني وعدد القرى والهجر التابعة لها التي تزيد على عشرين بلدة وهجرة وقرية. «قمح مرغان» الشهير يعد علامة مميزة للفوارة وفي السوق الوطنية ويصل عدد سكان المركز إلى 17000 نسمة لكن القادم إليها لن يهتدي إليها بسهولة لتجاهل وزارة النقل في اللوحات ما عدا لوحة صغيرة تحوي أسماء عشر بلدات ولا يتسنى لأحد قراءتها بسبب زحام اللوحة. أما القادم من البتراء فلا يجد أية لوحة إرشاد وما عليه غير التوقف وسؤال الناس عنها أو بحث الوصف عبر مكالمة هاتفية. ويعتقد الأهالي أن تصنيف الفوارة كمركز سلبها الخدمات المطلوبة ولم يكن حالها كذلك لو صنفت كمحافظة. 100 كلم للعلاج المواطنون هنا كما تلمست «عكاظ» بالعين المجردة مضطرون لمراجعة مستشفى الرس بحثا عن العلاج ويقطعون في سبيل ذلك أكثر من 100 كليومتر، والحال ينطبق على الكليات، إذ يتجه الطلاب إلى عقلة الصقور على بعد مماثل، وهي ذات الحال التي يعيشها مراجعو المرور. وعن الكهرباء يطول الحديث إذ يبعد مركز الطوارئ 60 كيلومترا وقس حال المشتركين عند انقطاع التيار بسبب الرياح والعواصف والأمطار ومازال أهالي الفوارة في انتظار استجابة شركة الكهرباء لافتتاح مركز طوارئ. شبه إجماع من أهالي مركز الفوارة على الجهد الكبير الذي تبذله البلدية برغم كل الملاحظات السالفة إذ عملت في الفترة الأخيرة على غربلة كاملة لتطوير المدينة وتجميلها بالحدائق والميادين لكن هذه الجهود كما يقولون غير كافية طالما أن الجهات المعنية في الوزارات لا تنظر إلى المطالب الأساسية لهم كما يقول نقاء التويجري: الفوارة للأسف تعيش في زاوية العزلة إذ اضطر بعض السكان للهجرة بسبب تواضع الخدمات المختلفة التي لم تتجاوب الجهات المعنية بطلباتها.. ويتوقع الكثيرون تحول الفوارة إلى منطقة خالية من السكان إن استمر التجاهل، فالخدمات الضرورية غائبة منها على سبيل عدم وجود الكليات الجامعية رغم جهود الدولة لنشر التعليم، كما لا يوجد مستشفى وهذه مشكلة يواجهها المرضى الذين يترددون على المشافي البعيدة وتخيل مرضى السكر والضغط والفشل الكلوي الذين يقطعون مسافات طوال بحثا عن التعافي.. الحل في نظري كما يقول نقاء هو تحويل الفوارة من مركز إلى محافظة. يعضد المواطن محمد عطا الله الحربي رأي نقاء التويجري ويضيف أن المركز بحاجة ماسة لإنشاء مستشفى إذ يعاني الأهالي كثيرا من مراجعة مستشفى الرس العام على مسافة110 كم تقريبا وجزء من الطريق مسار واحد وتدركون جميعا مخاطر طريق الاتجاه الواحد.. وكم يعاني مرضى الأمراض المستعصية من قطع تلك المسافات علما بأن مدير الشؤون الصحية بالقصيم في عام 1423 أعلن وقتذاك عن اعتماد المستشفى في الميزانية وحتى اليوم لم يحدث شيء وكلنا أمل لاعتماد هذا الصرح عاجلا. الضغط على المستوصف رائد سعود الحربي ركز في حديثه على ضعف وسوء خدمات الإنترنت من جميع الشركات المشغلة للخدمة، وأضاف: تخيلوا معي حالة طلاب وطالبات الفوارة في جميع مراحلهم الدراسية مع هذا التعثر الإلكتروني علما أن الإنترنت أصبح أداة لا غنى عنه في المتابعة الدراسية وتقديم الطلبات وإنجاز المعاملات بشتى أصنافها. ويرفض عبدالله الحربي ما أسماه عزلة الفوارة خدماتيا، وقال «نحتاج بشكل عاجل إلى مستشفى ينقذ ويريح العدد الكبير من المواطنين الذين يترددون يوميا إلى المدن لتلقي العلاج اللازم.. هناك من هو مصاب بالفشل الكلوي، السكر، الضغط، الربو، أمراض الشرايين والقلب، ولا يتحمل المستوصف الحكومي ذو الإمكانيات البسيطة كل هذا الضغط». خروج الطالبات صباحا يستطرد سعود الحربي ويضيف: الطريق الذي يصل المركز إلى البتراء ولطريق القصيم - المدينةالمنورة السريع يحتاج إلى مركز إسعاف متكامل لإنقاذ المرضى والمصابين قبل وصولهم إلى مستشفى الرس البعيد. كما أن الحاجة ماسة لفتح كليات للبنات فهناك أكثر من 15 حافلة تغادر الفوارة كل صباح وهي تحمل أكثر من 500 طالبة ولا تعود إلا بعد غياب الشمس. وهناك مطلب آخر لا غنى عنه في يتمثل في إنشاء مكتب للمرور وربط شبكة المياه، ونصب لوحات إرشادية تدل التائهين لمدينة الفوارة، فالحوادث كثيرة والهلال الأحمر غائب.. فضلا عن مطالباتنا بصيانة وتجديد مباني بعض الدوائر الحكومية. إشكالياتنا ليست مع البلدية يقول الإعلامي منصور الحربي عضو المجلس البلدي: مشكلتنا في الفوارة ليست مع المسؤولين الذين بذلوا الكثير خاصة البلدية التي بدت بصماتها بالظهور في شوارع وميادين وحارات الفوارة حيث شهدت المدينة عمليات تغيير كبيرة لكن مشكلتنا تكمن في عدم وجود بعض المرافق الحكومية التي تعني بخدمة المواطن خاصة أن المدينة بعيدة عن المدن الرئيسية التابعة للقصيم والتي تتوافر فيها كل الخدمات. نحتاج ربطنا بشكل مباشر مع طريق القصيم - المدينةالمنورة عن طريق مركز البتراء أو حل الطريق الرابط بطريق المدينة عن طريق عقلة الصقور فهناك وصلة بسيطة لو تم تعبيدها لأنهت الإشكالية. يواصل الحربي: نحن في حاجة لتعزيز بعض القطاعات بالخدمات الإضافية ومساندة عمل البلدية ورفع ميزانياتها لتنفذ كل مشاريعها وخططها. من الأحلام أيضا ناد رياضي يضم شباب الفوارة وهجرها وقراها في مكان واحد يمارسون فيه هواياتهم.. ولابد من إزجاء التقدير والشكر لبلدية الفوارة على المنشأة المميزة وكم تمنيت أن يكون بها ناد مسجل ليتسنى لشباب الفوارة المنافسة بشكل رسمي. رئيس البلدي: مشاريعنا جبارة رئيس المجلس البلدي بالفوارة سعود عيسي الحربي أكد أن المجلس لديه خطة كاملة لتطوير المركز والقرى التابعة له، وقد نفذت البلدية مشاريع خدمية كبيرة منها على سبيل المثال إنشاء الحدائق والمتنزهات والميدان الحضاري إلى جانب إنشاء العديد من الطرق والسفلتة والإنارة وإنشاء ملاعب للشباب، كما تبذل البلدية جهودا كبيرة تشكر عليها، ولديها خطط مستقبلية اطلع المجلس البلدي عليها وهي بحق مشاريع تطويرية جبارة ستنقل الفوارة إن شاء الله نقلة نوعية نحو التطور. وأضاف عيسي الحربي: مع ذلك فإن الفوارة تعاني من نقص حاد وشديد في الخدمات الأساسية الأخرى وهي خارجة عن استطاعة المسؤولين والمأمول هنا إقامة كلية العلوم والآداب للبنات والمستشفى وإدارة المرور والمياه ومكتب شركة الكهرباء وغيرها من الخدمات الضرورية وبعض هذه الخدمات مثل الكلية والمستشفى تم رفع الطلبات بشأنها منذ زمن بعيد جدا ولم يتحقق منها شي مع الحاجة الماسة لها، ويضيف: «بصفتي رئيس المجلس البلدي رأيت نزوحا كبيرا من السكان بالفوارة وقراها إلى مدينتي بريدةوالرس بسبب الحاجة لخدمات المستشفى وكليات البنات».