حرمان طلاب وطالبات العوق السمعي بالمدينةالمنورة من الدمج في التعليم العام ووقف صرف المكافآت والسماعات الخاصة، وعدم توفير وسائل نقل لهم، أدى إلى انقطاعهم عن الدراسة ما أزعج أولياء الأمور، فيما قارنت أمهات الطالبات بناتهن بمثيلاتهن في المناطق الأخرى اللائي يتمتعن بكل المميزات، مطالبات بمساواة بناتهن وأبنائهن بأهالي المناطق المختلفة. وقد تحدثت الأمهات ل«عكاظ» عن هذه المعاناة، ففي البدء قالت إحدى أمهات طالبة عوق سمعي صف أول متوسط -فضلت عدم ذكر اسمها-: معاناتي مع ابنتي ليست بجديدة فمنذ دخولها الصف السادس كانت تقول كيف أترك المدرسة التي تحتوي على زميلاتي، وذلك بعدما علمت أنها ستلتحق بمتوسطة بعيدة عنهن غير متوسطة المجمع، ومن هنا بدأت معاناتي منذ لك الحين، فقد بدت عليها معالم الحزن والبكاء وحاولت ووالدها إقناعها بالمدرسة الأخرى، واستعدت نفسيا للالتحاق بها. النقل لمعهد الأمل وفي صباح أول يوم دراسي ذهبت وابنتي للمدرسة -والحديث مازال لأم الطالبة- فأبلغتنا المديرة عن وصولها خطاب بعدم استقبال طالبات الدمج وذلك بسبب إلغاء البرنامج، فانخرطت ابنتي في نوبة بكاء شديدة مرددة: أزيحوا عني هذه السماعة فهي فلا أحد يريدنا؟ ومن ثم انتقلت إلى مدرستها الابتدائية فإذا بي أجد الملف مازال هناك، حيث أبلغتني المديرة أيضا بإغلاق البرنامج، وأكدت أن هناك اجتماعا طارئا للإشراف مع الأمهات، فكانت الصدمة أن تم نقلهن لمعهد الأمل، فقوبل هذا الأمر بالرفض ومازالت ابنتي وعدد من البنات يلزمن بيوتهن. وتضيف الأم بألم: حاولنا مقابلة مديرة إدارة التربية الخاصة إلا أننا لم نتمكن من ذلك، مطالبة وعدد كبير من الأمهات بفتح البرنامج مناشدات الجهات المعنية بصرف المكافآت المنقطعة، وإلحاق البنات المعوقات سمعيا ببرنامج الدمج، وتوفير المواصلات لهن، ومطالبات بإلحاقهن بالمتوسطة الأربعين بمجمع الفيصلية حتى لا تشعر البنات بغربة داخل مجتمعهن، مطالبات بمعلمة نطق وتخاطب لتقوية لغة الطالبات ورفع ثقتهم في أنفسهن. لا كتب مدرسية تشاطرها الرأي والدة الطالبة لمى أسامة عشكان مضيفة: التحقت ابنتي ببرنامج الدمج في الابتدائية 62 وانتهت المرحلة الابتدائية ولله الحمد ولكن مع بداية العام الدراسي الجديد اكتشفنا أن برنامج الدمج ألغي من المتوسطة التي سوف تلتحق بها طالبات الدمج ليكملن المرحلة المتوسطة فيها من غير سابق إنذار ولقد أخبرتنا بذلك مديرة المتوسطة، وللأسف لا توجد لهن مدرسة حاليا ولم يستلمن الكتب الدراسية عكس نظيراتهن من الطالبات اللاتي في المقاعد الدراسية، فمن يعوضهن عن الدروس التي فاتتهن؟، عوضا عن ذلك تأثر نفسية الطالبات بما جرى بسبب الإهمال الإداري، وعندما طالبنا الإدارة المدرسية للمتوسطة بأن تستقبل طالبات الدمج إلى أن يصدر قرار نهائي بتوجيههن للمدرسة التابعة لبرنامج الدمج رفضدت مديرة المدرسة استقبالهن بحجة لا توجد أسماؤهن في نظام نور المخصص لطالبات الدمج وعدم وجود كتب دراسية بعدد الطالبات ونحن نطالب الجهات المختصة بسرعة حل وضع طالباتنا اللاتي هن طالبات احتياجات خاصة فرفقا بهن وبقلوب أولياء أمورهن الذين تقطعت قلوبهم ألما عليهن. غياب معلمات التخاطب كما تقول أم طالبة من الصف الثاني متوسط دمج إعاقة سمعية: معاناتنا بدأت منذ انتقال الطالبة للمرحلة المتوسطه لأن المدرسة المتوسطة 66 غير مؤهلة لبرنامج الدمج فهي مبنى مستأجر من أربعة أدوار وعدد الطالبات كثير إضافة لعدم وجود نقل مدرسي لهن وبعد مسافة المدرسة عن المنازل ولا توجد معلمة نطق وتخاطب، وتم إبلاغنا بإلغاء الدمج في المرحلتين المتوسطة والثانوية بناء على قرار من الوزارة، وأجبرنا على اختيار أحد الخيارين إما معهد الأمل أو مدرسة تعليم عام بدون برنامج دمج. وتضيف أم لطالبتين في الصف الثاني المتوسط نورة وليان مروان ناظر دمج إعاقة سمعية في م66 بالمدينة: كان لي قصة مختلفة في مشواري مع الدمج بدأ من مدينة جدة حيث تتعامل إدارة التربية الخاصة باهتمام شديد بطالبات الدمج، حيث وفرت لهن خدمة السماعات من المدرسة والبطاريات والمكافآت تسلم في وقتها والمواصلات متوفرة، فيما تم اكتشاف تفوق ابنتي ليان في الحساب الذهني في مادة الرياضيات وهي في الصف الأول الابتدائي وتم اكتشاف موهبة نورة ابنتي في الرسم والتلوين في الصف الثاني الابتدائي ولكل مادة دراسية معلمة متخصصة تربية خاصة مسار إعاقة سمعية بدأت الكلمات والجمل والتعابير الجميلة تخرج منهما مغردة بغد مشرق شعرت أن هذا الاهتمام سينتج عنه امرأتان مهمتان في المجتمع في يوم ما. معاناة وسخرية وتستدرك أم نورة وليان: إلى أن انتقلت للمدينة المنورة قبل أربعة أعوام ومنذ حينها ونحن في تدن سواء أكان دراسيا أو ثقافيا أو نطقا أو علميا وتحدثا، حيث الدمج الكلي بالمدينة ولا يوجد لكل المواد معلمات متخصصات، ثم انتقالهما للمرحلة المتوسطة ومع الأسف قوبلا بعدم قبول مجتمع المدرسة سواء من المعلمات أو الطالبات المستغربات لتلك الأجهزة الغريبة التي ترتديانها، ناهيك عن السخرية والاستهزاء بهما، فضلا عن انعدام المواصلات، كما لا يوجد سوى معلمة لغتي ومعلمة علوم فقط للمرحلة المتوسطة متخصصات من التربية الخاصة لكل معلمة حصة واحدة أسبوعيا... وقد توقعنا هذا العام الاهتمام من قبل الإدارة وتوقعنا إضافة معلمات متخصصات لكل مادة، ومعلمة نطق وتخاطب لحاجة الطالبات الماسة لهذا التخصص، ونفاجأ من أول يوم دراسي بتبليغنا بإلغاء برنامج الدمج للعوق السمعي بالمدينة وإجبار الأهالي على اختيار إما معهد الأمل للصم أو مدرسة تعليم عام بدون برنامج الدمج وبدون معلمات الدمج وعند سؤالنا قيل لنا هذا قرار وزاري لا نقاش فيه. أنا أطالب في حق ابنتاي في وطنهما الذي كفل لهما كل سبل الحياة الكريمة والتعليم. مدارس بديلة إلى ذلك، أوضح ل«عكاظ» مدير إدارة الإعلام التربوي والمتحدث الرسمي لإدارة التعليم في المدينةالمنورة عمر محمد البرناوي أنه بخصوص طالبات الدمج وإلغاء برنامج الدمج بمدرستي 62 الابتدائية و66 المتوسطة لطالبات (الإعاقة السمعية) لمرحلتي المتوسطة والثانوية كان ذلك بموجب التعميم الوزاري رقم (89438) وتاريخ: 11/5/1436ه، بشأن ميزانيات (مدارس تحفيظ القرآن / وبرامج معاهد التربية الخاصة / تعليم الكبار) للعام الدراسي 1436/1437ه، فعدد برامج العوق السمعي المعتمد تنفيذها داخل المدينة واحد فقط للمرحلة المتوسطة وآخر للمرحلة الثانوية –وهما قائمان في معهد الأمل– الأمر الذي تعذر معه توفر برنامج معتمد من الوزارة تستفيد منه الطالبات الملتحقات بالدراسة في برنامج دمج العوق السمعي الملحق بالمتوسطة ال(66) حتى نهاية العام الدراسي 1435/1436ه. وأضاف: وحرصا من الإدارة على عدم بقاء الطالبات خارج مقاعد الدراسة شرعت إدارة التعليم بالمنطقة في معالجة الوضع بإيجاد المدارس البديلة وتهيئة الميدان الجديد فور مباشرة إدارة المدارس المعنية يوم الأحد 1/11/1436ه، وفي أول يوم في العام الدراسي الأحد 8/11/1436ه تم استدعاء أولياء أمور الطالبات من قبل إدارات المدارس المعنية وبحضور مشرفة التربية الخاصة وذلك إيمانا بحق ولي الأمر في اختيار نوع التعليم (معهد أمل / التعليم العام) الذي يراه مناسبا لإلحاق ابنته به، مع تعهد إدارة التربية الخاصة بالمتابعة المستمرة للطالبة مهما كان الاختيار، وبناء عليه تم تحويل طالبات المرحلة المتوسطة مؤقتا إلى المتوسطة ال(40) وطالبات الصف الأول ثانوي إلى الثانوية ال(43) وذلك إلى حين وصول الإفادة من الإدارة العامة للتخطيط المدرسي بشأن إحداث برنامج عوق سمعي للمرحلة الثانوية ملحق بمدارس التعليم العام وتجزئة فصول العوق السمعي للمرحلة المتوسطة البالغ عددها ستة فصول بواقع برنامج واحد ليصبح برنامجين مستقلين بواقع ثلاثة فصول لكل برنامج، وأشار برناوي إلى اعتماد برنامج دمج العوق السمعي ملحق بالمتوسطة ال(40) وبرنامج دمج العوق السمعي ملحق بالثانوية ال(38).