اليوتوبيا أو الطوباوية تعني المكان المثالي بشكل مطلق نتيجة تطبيق عقيدة معينة مثالياتها مطلقة مثل عقيدة الشيوعية في المساواة المطلقة عبر منع التملك الفردي، وهذا التصور قديم منذ أفلاطون الذي كتب عن المدينة الفاضلة بتطبيقها عقيدة تشبه الشيوعية، أما الديستوبيا وهي نقيض اليوتوبيا فهو تصور حديث أكثر موضوعية يظهر أن اليوتوبيا تتحول دائما لديستوبيا أي ما يشه الجحيم في الواقع وإن كان ظاهره يمثل المثاليات المطلقة. الطوباوية التي يفرضها حكم فاضل مزعوم موعود فرض تلك المثاليات المطلقة المزعومة بسطوة الترهيب الأمني والتي عند تطبيقها على الأرض يتبين أنها مجرد قشرة ظاهرية للمثالية وتحتها حياة الناس جحيم والطوباوية كانت مجرد غطاء مثالي لأهواء أصحاب السلطة في هذه الديستوبيا للحصول على سلطة مطلقة، وفي الأعمال الروائية الغربية والأفلام الأمريكية. الديستوبيا تعتبر من المواضيع الرئيسية فيها وقد مثلت كل نوع ديستوبيا يمكن أن يحدث في الواقع بحجة تحويل الواقع إلى يوتوبيا «طوباوية» الدولة الفاضلة عبر تطبيق عقيدة مطلقة المثالية اقتصادية أو عسكرية أو سياسية أو دينية أو ثقافية أو بيئية أو أمنية أو بيولوجية أو دوائية أو عرقية أو تكنولوجية أو اجتماعية نفسية، واعتبر أن رسوخ هذا المجال في الأدب والفنون في الغرب هو من أحد ركائز توليد حصانة لدى الغربيين من الوقوع فريسة لديستوبيا باسم وزعم خلق اليوتوبيا في مجتمعاتهم، لكي لا تتكرر التجارب المريرة لديستوبيا محاكم التفتيش والحروب الصليبية والطائفية في أوروبا العصور الوسطى، والنازية الألمانية، والفاشية الإيطالية، والشيوعية السوفيتية التي عانت منها أوروبا وكلها من أنواع الديستوبيا التي قامت باسم إقامة يوتوبيا «حكم طوباوي» ودولة فاضلة، لكن دائما وأبدا اليوتوبيا تتحول لديستوبيا لأن المثالية المطلقة في مجال ما يعني التطرف المطلق فيه، مثل التطرف في مجال العدالة الاقتصادية الذي ولد الشيوعية التي تسببت في القرن الماضي في مقتل ستين مليون إنسان مدني جوعا بسبب سياساتها الطوباوية الاقتصادية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق والصين وكمبوديا ناهيك عن ضحايا حروبها الخارجية وضحايا بطشها الأمني بمواطنيها وقتل الملايين منهم في المعتقلات، بينما المجتمعات الشرقية لاتزال ساذجة تماما لجهة إمكانية استدراجها لديستوبيا وتحديدا الديستوبيا الدينية مثل ديستوبيا الخلافة المتمثلة في مناطق سيطرة داعش؛ باسم اليوتوبيا سيتبع المتطرفون المسيح الدجال لأنه لم يتم تكريس الوعي الجماعي على عدم واقعية مزاعم اليوتوبيا التي دائما تتحول إلى ديستوبيا لأنها تخالف سنن الله الفطرية.