أبدى عدد من مزارعي الباحة دهشتهم من تجاهل مديرية الزراعة لهم، وعدم وضع زيارة مزارعهم ضمن جدول زيارة وزير الزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي لمنطقة الباحة منذ أيام. وأكد رئيس الجمعية الزراعية التعاونية بالباحة الدكتور عبدالله الخضر، أن الوزير لم يزر أي مزرعة، وزار المنتزه الوطني ببلجرشي فقط، وقال «حاولت مقابلته ولو لخمس دقائق ولم أتمكن»، مشيرا إلى أنه كان ينوي طرح اقتراحات ومبادرات للتطوير، ولم يجد غير تقديمها مكتوبة، وينتظر مقابلته في الرياض بعد أن طلب الوزير ذلك. يبدو أن هذا هو حال الزراعة في الباحة؛ وهو ما دعا «عكاظ» للاستقصاء من المزراعين. وقال المزارع إبراهيم الغامدي إن الهدف من زيارة الوزير الوقوف على واقع الزراعة في الباحة، وتحديد متطلباتها التنموية من الوزارة، مؤكدا استبشارهم بالزيارة، إلا أنهم فوجئوا بمسارات مخطط لها دون علمهم، أبعدت الوزير عن الوقوف على المزارع المنتجة؛ ما انعكس على انطباع الوزير ومرافقيه، الذين استشعروا أن الحديث عن الباحة باعتبارها منطقة زراعية مجرد كلام. فيما قال المزارع صالح سعيد، إنه اضطر إلى تحويل جزء من مزرعته إلى مبنى تجاري شأن معظم أهالي المنطقة، كون الزراعة لم تعد تغري بالاستمرار فيها، مع الجفاف وقلة المياه وغياب الأيدي العاملة المتخصصة، لافتا إلى أنه تمنى أن يبقى الوزير لأيام ويتفقد المنطقة بمفرده، دون رسم مسارات من مسؤولي زراعة الباحة، حتى لا تمر الزيارة مرور الكرام. لم يتحدثوا عن توفير المياه ويرى الخبير الاقتصادي عبدالخالق الغامدي، أن وزير الزراعة لم يناقش موضوع توفير المياه للمزارعين، وهو يعلم أن إشكالية شح المياه تأتي على رأس العقبات التي تقف في سبيل التنمية الزراعية في الباحة، ليس لندرة هطول الأمطار فقط بل بسبب ضعف الاستفادة من تلك الأمطار، فمخزون السدود من المياه لا يتم استغلاله كما يجب، لسوء تنفيذ وصيانة بعضها، ولتوجه معظم مخزون السدود لتلبية احتياجات أخرى غير الإنتاج الزراعي، ولعدم وجود بدائل أقل تكلفة وأكثر مرونة من السدود للإفادة من مياه الأمطار كالصهاريج والخزانات والمستودعات الحافظة للمياه في الأودية الصغيرة القريبة من المناطق الزراعية، إضافة إلى فوضى حفر الآبار الارتوازية التي قضت تماما على الآبار القديمة، وغيرت كثيرا من حركة المياة الجوفية. غياب الدعم ويعتقد الدكتور صالح عباس من ملاك مزارع الزيتون، أن البرنامج المعد مسبقا كان يتضمن أن يمر وزير الزراعة بمزرعته، التي تحتوي على أكثر من 3 آلاف شجرة زيتون، كونها في طريق المطار وعلى مسار الوزير. وأشار إلى أن من الأسباب التي أدت إلى ضعف الزراعة غياب الدعم المالي من صندوق التنمية الزراعية، وانعدام وسائل وتقنيات الري الحديث والاعتماد على طرق تقليدية؛ ما يتسبب في استنزاف المياه الجوفية الشحيحة أصلا. ومن رأي المزارع حسن الغامدي، أن الري من مشاريع المياه عالي الكلفة وغير مجد اقتصاديا، ولا يستطيعه الكثيرون ما نتج عن ذلك كله هجر معظم المزارعين لمزارعهم بعد ضعف أو وفاة كبار السن، والقلة الباقية سلمت مزارعها للعمالة الوافدة التي لم يقتصر ضررها على الإسراف في استهلاك المياه، بل امتد إلى سوء استخدام المواد الكيماوية التي اتلفت الأرض وأضرت بالمنتجات الزراعية. فيما يؤكد محمد سعيد الغامدي أن الباحة التي كانت تتميز بإنتاج الفواكه ومنها الرمان والخوخ والمشمش واللوز والتوت والعنب والتين، إضافة إلى القمح والذرة، تحولت إلى أراض بور، وتضاءلت الأشجار التي كانت تحافظ على الغطاء النباتي الذي فقدته المنطقة تماما بفقدان الأشجار المثمرة، وبموت معظم أشجار العرعر والعتم، وتحولت المنطقة بفضل العمالة الوافدة وكسل أبنائها إلى المنتجات السهلة والسريعة العائد، بإنتاج الطماطم والخضروات الورقية التي تحتاج كميات كبيرة من المياه، كما أنها ترهق قدرة الأرض على الإنتاج بمرور الوقت، إذ تزيد من ملوحتها وقساوتها. التعدي الجائر وحمل الباحث البيئي عبدالله مكني الزحف العمراني والتعدي الجائر على الأراضي الزراعية والغابات، مسؤولية تدمير البيئية الزراعية في الباحة، ويرى أنه يشترك في ذلك المواطن العادي والمؤسسات الخاصة والإدارات الحكومية، في ظل غياب الرقابة الصارمة التي تحد من العبث بالبيئة، وتبقى الجهود فردية لمكافحة أعداء البيئة. ويرى أن السبب غير المنطقي وغير المبرر لخروج الوزير من المنطقة بانطباع غير جيد، يتمثل في عدم تضمين برنامج زيارته للتجارب الزراعية الناجحة لبعض أبناء المنطقة بجهودهم الفردية، مثل مزارع الزيتون التي يضم بعضها 13 ألف شجرة، ومزرعة الأشجار النادرة في تهامة للدكتور أحمد قشاش، وغيرها من التجارب الفردية الناجحة. وأضاف: مع ذلك، لا يزال مزارعو الباحة يعلقون آمالا كبيرة على تخصيص وزير الزراعة وقتا كافيا لزيارة منطقتهم واللقاء بالمزارعين.