أعادت الأمطار التي شهدتها منطقة الباحة أخيراً جانباً من الحياة القديمة بعد عودة المزارعين إلى أراضيهم واستصلاحها نظراً لكمية المياه التي ارتوت منها الأرض خلال الفترة الماضية في الوقت الذي لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن تعود صورة المزارع القديم إلى الواجهة بعد اعتقادهم بأنها اندثرت. يقول أحد المزارعين محمد على الزهراني: شهدت المنطقة مؤخراً أمطارا غزيرة لم تشهدها منذ سنوات، تسببت في زيادة ارتفاع نسبة المياه في الآبار الجوفية. وأشار إلى أن الأهالي في عدد من القرى أسرعوا باستصلاح مزارعهم من خلال تنظيفها من الحشائش والأحراش والأشواك ليستبدلوها ببذور الحبوب المختلفة الأنواع. فيما يرى جمعان الزهراني أن كميات الأمطار التي هطلت على المنطقة جعلتهم يعيدون النظر تجاه مزارعهم التي طالما جادت بخيراتها الوفيرة لأجدادهم. ويضيف أنه أضحى عدد من كبار السن يثيرون حماسة أبنائهم ويحفزونهم حينما يقولون لهم إن الحياة ربما تعود إلى ما كانت عليه في السابق حينما كانت الزراعة مصدر رزق رئيسا. بدوره اشتكى عبدالله الغامدي من الزحف العمراني على الأراضي الزراعية التي تعرضت لسطو البناء الذي حولها إلى غابات أسمنتية في ظل غياب رقابة الجهات ذات العلاقة ومن خلال البناء العشوائي. من جهته، قال نائب مدير عام مديرية الزراعة بمنطقة الباحة المهندس سعيد جار الله: القطاع الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية، لاسيما أنه يتعلق بالأمن الغذائي وباستمرار الحياة، مشيراً إلى أن هناك إشكاليات أو منافسة لقطاعات أخرى مما حدا بالكثير من المزارعين لترك هذه المهنة، بالإضافة إلى قِلة مياه الأمطار، مؤكداً أن وجود المياه المحلاة المخصصة للشرب، سيغني عن استخدام مياه الآبار وتبقي مخصصة للزراعة وهذا يبشر بمستقبل لصغار المزارعين وطالب بالاتحاد في جمعيات تعاونية زراعية والوزارة تهتم في هذا الموضوع وتشجعه وتعطي له الكثير من الإمكانيات سواء كانت مالية أو آلية أو استخدام تقنيات زراعية حديثة حتى تكون هذه المدرجات الزراعية ذات جدوى اقتصادية للمزارع وللمستهلك. إلى ذلك أوضح الباحث في التنوع البيولوجي عبدالرحمن محمد الغامدي، أن المدرجات الزراعية كانت يوما ما معيارا لثروات الرجال وكان التنافس بين أبناء القرية الواحدة ينطلق من اهتمامهم بصيانتها وإنتاجها حيث عاشت أجيال على خيراتها، محذراً من فقد منطقة الباحة لمدرجاتها الزراعية وزيادة نسبة التصحر. ومن الناحية العلمية، بين الغامدي أن المدرجات الزراعية تقلل من سرعة جريان السيول وتعمل كسدود أرضية تختزن المياه وتغذي بها الآبار وهي غنية بالمعادن وحبيبات الطين مما يمكنها من توفير إنتاجية عالية، حيث إن العديد منها يمكن أن ينتج المحاصيل دون ري أو ما كان يسمى ب" العثري" ويقصد به المواقع التي تعتمد على سقوط الأمطار في الري فقط.