في السنوات الأخيرة احتل موضوع «النفط الصخري» حيزا كبيرا من وسائل الإعلام بشتى أنواعها، المتخصص منها وغير المتخصص، ولم يقف عند هذا، بل امتد أيضا ليشغل جل حديث ونقاشات أطياف المجتمع المختلفة على المستوى المحلي والعالمي. عالمية النفط وكونه أهم مصدر من مصادر الطاقة، جعلته محط اهتمام الدول جميعا بلا استثناء، بين مصدر ومستهلك، والتقلبات السعرية في السنوات الأخيرة وما صاحبها من زخم إعلامي مبالغ فيه من وجهة نظري حول إنتاج «النفط الصخري» وتأثيره السلبي على مصدري «النفط التقليدي» جعلته هاجسا لدى البعض. هناك لبس واضح لدى الكثيرين «عربيا وعالميا» بين «النفط الصخري» و«الصخر النفطي»، ورغم الاختلاف الكبير بين هذين النوعين من حيث خصائصهما الفيزيائية والكيميائية، وآلية استخراجهما، إلا أن البعض يعتقد أنهما اسمان لنوع واحد من النفط ذي الطبيعة الصلبة، وهذا خطأ. «النفط الصخري» عبارة عن نفط سائل خفيف، محبوس في باطن الأرض في مكامن نفطية ذات صخور عديمة أو شبه عديمة النفاذية، لا يمكن استخراجه منها إلا بإيجاد ممرات له خلال هذه الصخور. وتسمى الطريقة المستخدمة لهذا الغرض بالتكسير الهيدروليكي، وتتلخص هذه العملية بتحديد النقاط التي سيتم الإنتاج منها في باطن الأرض من المكمن النفطي بدقة، بناء على برنامج الحفر الذي يعده مهندس الحفر المتخصص، وبعد ذلك يتم إنزال معدات معينة غاية في التعقيد من فوهة بئر الإنتاج إلى النقاط المحددة سابقا، والغرض من هذه المعدات القيام بتفجير موضعي عند نقاط الإنتاج لعمل فتوق في صخور المكمن الحابسة للنفط. ويتم بعد ذلك ضخ بعض المواد الكيميائية بضغط عالٍ من فوهة البئر لتعميق هذه الفتوق وتوسيعها وزيادة النفاذية الصخرية لتسهيل جريان النفط السائل من المكمن إلى أنابيب الإنتاج. أما «الصخر النفطي» فهو عبارة عن مادة عضوية صلبة تسمى مادة «الكيروجين»، يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى نفط سائل قابل للتكرير، بإجراء بعض العمليات الحرارية والكيميائية. الجدير بالذكر أن النفط الصخري مكلف في الإنتاج مقارنة بالنفط التقليدي الخفيف، وأنه غير مجد اقتصاديا «غالبا» في ظل الأسعار الحالية للنفط. لكن يجب الأخذ بالحسبان بأن النفط مصدر للطاقة ناضب، وأن نضوب النفط التقليدي سهل الاستخراج سيأتي أولا لا محالة قبل غيره من الأنواع، إضافة إلى العمل الدؤوب من الخبراء المختصين لإيجاد أو تطوير التقنيات التي تستهدف تقليل التكلفة الإنتاجية لمواجهة هذا المصير المحتوم.