في مقال الخميس الماضي تناولت بالأسماء أعلاما من الأطباء السعوديين رفعوا اسم مهنة الطب واسم المملكة عاليا بإخلاصهم وتميزهم ولا بد أنني نسيت منهم أسماء لا تنسى مثل جراح القلب الأشهر محمد بن راشد الفقيه وإن كنت قد كتبت عنه سابقا مقالات خاصة ولابد أنني نسيت كثيرا غيره فمنهم العذر. منذ سنوات سألني طالب طب في المراحل الأولى معاتبا فقال ألا تعتقد أنك بمقالاتك عن الأطباء الفاسدين تبالغ في الظاهرة بما يسيء إلى مهنة الطب؟! قلت له عندما تتقدم في مراحل دراسة الطب وتبدأ في الاحتكاك بالاستشاريين وتحتاج لهم في التعلم التطبيقي ستدرك أنني لم أبالغ فالناس شهود الله في الأرض وأصبحوا يشتكون ويصرخون من ألم الإهمال، ووصلت ممارسات الأطباء الفاسدين حدا يشوه المهنة ويشوه حتى جهود المخلصين. قلت له كان الناس يشتكون من غياب الأطباء الاستشاريين عن عياداتهم المجدولة أسبوعيا رغم قلتها، ويشتكي طلاب الطب من عدم تواجد الاستشاري في الجولات على المرضى والتي يستفيد منها طلاب الطب في اكتساب الخبرات، وكنا في زمن عمداء الطب د.فهد العبدالجبار ود.فالح الفالح نخشى على المريض من الهلع من كثرة من يدخلون عليه في الجولة بين استشاري ومساعدين وأطباء مقيمين وطلاب طب جميعهم يستفيدون من الاستشاري الهارب اليوم لفساده!. اليوم أصبح الناس لا يشتكون من الغياب عن العيادات وحسب بل حتى عن العمليات المجدولة وعن المناوبات مدفوعة الثمن! بل إن الطبيب الاستشاري المجدول كطبيب تحت الطلب بأجر كبير يرد على الجوال من مستشفى خاص ويرفض الحضور لحالة طارئة، مثل ما قد سبق أن كتبت عن استشاري عظام فاسد رفض الحضور لمباشرة حادث سيارات مليء بحالات كسور لعدد من المصابين!. أصبح الناس يشتكون من أطباء يقررون عدم الحاجة لعملية عندما تزورهم في المستشفى الحكومي وعندما تزور نفس الطبيب بنفس العرض في المستشفى الخاص يلح عليك بضرورة إجراء العملية!، وهذا من أعلى درجات الفساد وعدم الأمانة، وأعرف جراح عمود فقري شهيرا يحيلك لشراء الأحزمة والساندات الطبية من محل محدد لا يقبل غيره لأنه يبيع ذات الحزام بأربعة أضعاف سعره ويدفع نسبة للطبيب. ذات الطالب بعد سنتين اتصل بي معتذرا وقال فعلا تبقى مقصرا في فضح ما عايشت من فساد طبي. على العقلاء من رواد الطب في وطني إنقاذ المهنة من التشويه، وكنت سابقا أكرر أن بعض الوزراء الأطباء يجاملون الأطباء المخالفين لأن لديهم روح نقابة عالية كما ذكرها المرحوم بإذن الله غازي القصيبي في كتابه (حياة في الإدارة) حتى نبهني أحد رواد التعليم الطبي د.فهد العبدالجبار فقال: روح النقابة العالية تكون بالتعصب للمهنة وليس للممتهن ومن يتساهل مع طبيب مخالف هو متعصب للممتهن ومسيء للمهنة! فالواجب على الغيور على مهنة الطب أن يعاقب من يشوهها بالفساد كائنا من كان.