تمخضت جولات ومباحثات المبعوث الجديد للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ عن عقد مفاوضات جديدة بين الحكومة اليمنية الشرعية والحوثيين المدعومين عسكريا وسياسيا من الرئيس السابق علي صالح وإيران، ويمكننا تفهم طبيعة دور الوسيط الأممي في حرصه على الوصول إلى حل سياسي كترجمة لمبادئ الأممالمتحدة في الانحياز لخيار السلم أولا في أي مشكلة، لكننا أمام وضع غير مشجع ولا يبعث أي قدر من التفاؤل بجدية الحوثيين وصدقهم في إنقاذ اليمن من شرهم وعبثهم، وإزاحة التوتر على الحدود السعودية، والتخلي عن دور الوكيل لإيران في تنفيذ سياستها التوسعية والتدخل في شؤون الدول الأخرى والعبث بسلم واستقرار المنطقة. لقد كانت مفاوضات جنيف دليلا صارخا على تهور الحوثيين وعبثهم والتأكيد على أنهم لا يريدون حلا سياسيا سلميا، فقد تصرفوا بشكل غير مسؤول قبل وصول وفدهم وبعد وصوله أكدوا أنهم جاؤوا لتعقيد المشكلة وليس لحلها فانتهت المفاوضات إلى لا شيء. وعندما تم إقرار هدنة ووقف العمليات العسكرية على أن يلتزم الطرف الحوثي بها لم يلتزم لحظة وواصلوا قصفهم للداخل اليمني واستفزاز الجوار السعودي بقذائفهم الطائشة. كل السيناريوهات المحتملة لإنهاء الأزمة اليمنية سلميا لم يرغب الحوثيون بتنفيذها لأنهم مجرد منفذين لتعليمات طرفين هما الثعلب المخلوع علي صالح الذي أصبح يتصرف بشكل انتحاري ويريد إحراق اليمن انتقاما لإزاحته من عرشه الذي تسلط منه على اليمن ونهب كل مقدراته، والطرف الثاني هو إيران التي دربت المفاوضين الحوثيين على المراوغة والمكر لاقتناص الفرص التي قد يتيحها الوقت. لقد أفضى العبث الحوثي إلى إصدار القرار 2216 تحت الفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة لتنفيذه لكن الأممالمتحدة لم تفعل ذلك كي تنقذ اليمن، واختارت الفرجة على المأساة وانتهت إلى اقتراح مفاوضات جديدة يمكننا الجزم بأنها لن تسفر عن شيء مفيد، فإيران إن لم تحقق طموحها الأساسي بالتواجد في الساحة اليمنية كما كانت تحلم فإنها لن تتركها هادئة بتحريض الحوثيين على استمرار الحريق، وصالح أصبح كمن يقول ومن بعدي الطوفان، والحوثيون ليس لديهم غير تنفيذ التعليمات، هذا هو المشهد الحقيقي الذي لا يتيح التفاؤل بنتيجة إيجابية للمفاوضات. لقد تم تحرير أجزاء كثيرة من اليمن وانكسرت شوكة الحوثيين عسكريا ومعنويا بعد اقتراب قوات التحالف من صنعاء، ولا يوجد خيار غير القوة لإنقاذ اليمن من شر مستطير باستمرار عصابة تتلاعب بوطن يكفيه ما ذاقه من الويلات.