تجاوز الجمال والإبداع الفني لدى فناني وفنانات مدينة أبها التشكيليين، حدود مراسمهم ومعارضهم الخاصة، ليصل إلى استنطاق جدران ميادين مدينتهم الصامتة، لتصبح لوحات فنية تستوقف الزوار، وتظهر الهوية الفنية الحقيقية لمدينتهم الفاتنة ، ولعل الجداريات الفنية التي تنتشر على جدران أبها، تعد أنموذجا حيا لمدى الإحساس من قبل فناني وفنانات المنطقة بالمسؤولية المجتمعية، إضافة إلى أنها تعكس مدى الاهتمام بالفن ومواطن الجمال من قبل المسؤولين، الذين كان لهم دور بارز في دعم الحراك الفني وتذليل الصعوبات أمام الفنانين. والذي اتضح جليا في جداريات كثيرة ارتسمت على جدران أبها، أنها جميعها مستوحاة من التراث والهوية الخاصة بالمدينة، فالألوان جميعها مرتبطة بالهوية العسيرية، وتستوحي تصاميمها من تراث المنطقة وموروثها ، تنتشر في أبها الكثير من الجداريات التي يتجاوز عمرها عقودا من الزمان، إلا أن من أحدث الجداريات التي تم العمل عليها مؤخرا، جدارية عمل على تنفيذهاالفنانان الدكتور علي مرزوق وعبدالله البارقي على مساحة 720 متراً مربعاً، بجوار مسجد الملك فيصل ومقابل النادي الأدبي، تمثل العمارة التراثية في عسير، وما يرتبط بها من قيم فنية وجمالية وزخرفية، وفق أسلوب يجمع الأصالة والمعاصرة، يستخدم بها مجموعة من الخامات تمثل السيرميك والزجاج المعشق بأسلوب الغائر والنافر وألوان الأكرلك.كما نفذ الفنانان إسماعيل صميلي وعبدالمجيد الشهري جدارية انثيال التي تبلغ مساحتها 150 مترًا مربعًا على إحدى واجهات سوق الثلاثاء الشعبي والتي تستوحي تصميمها وألوانها من «المصنف» وهو الوشاح العسيري المعروف ، وإضافة لذلك، نفذ الفنانون إبراهيم الألمعي ومحمد شراحيلي وخالد حنيف عمل جدارية، تخص القط العسيري على مساحة 24 متراً مربعا في مطار أبها. وفي مركز الملك فهد الثقافي وتحديدا في قرية المفتاحة، فقد تمكن مجموعة من الفنانين من استنطاق جدران المفتاحة الصامتة لسنوات طويلة، من خلال جداريات فنية مبهرة نالت استحسان الزوار وتنوعت في مدارسها الفنية، لتصبح وجهة حقيقية للباحثين عن الفن، وهدفا لعدسات المصورين المهتمين بجمال هذه الجداريات. ويؤكد مدير فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في أبها أحمد السروي أن الجمعية معنية بشكل كبير في تقديم رسالتها الفنية والتخصصية في كافة الاتجاهات الفنية، ومنها ما يتعلق بالفن التشكيلي وأعمال الجداريات في منطقة عسير. وأضاف: «هنا نؤكد بشكل كبير قدرة فناني المنطقة من خلال الجمعية على تقديم عسير وجمالها من خلال هذه الأعمال التي يجب أن تحفظ للمكان والإنسان هويته باعتبارية جمال المنطقة وأهمية المحافظة على بعض المسلمات التراثية ونقلها بما يتناسب وحجم القيمة الفنية المستوحاة، ويجب ان أشير الى ان الجمعية لها تجارب جيدة وخاصة في هذا الجانب في كثير من الاعمال التي قدمت للمنطقة، ولذلك نحن سنساهم في هذا الأمر مع الجهات ذات العلاقة، وأؤكد كذلك على أهمية ان تسهم كافة الجهات الأخرى في إيجاد العمل التكاملي الذي يضمن المنتج الحامل للجودة.