أشار الإمام والخطيب الشيخ محمد أحمد شريف زولي، من أبناء محافظة ضمد، أن رمضان قديما يختلف عما هو عليه الآن، مبينا أن حال المساجد أيضا كان مغايرا مقارنة بما عليه الآن، إذ أنها كانت مبنية من القش، بدون فرش، على الرمل، بعضها مفروشة بالحصير، منوها إلى أن أهالي ضمد كانوا يستقبلون رمضان في السابق على أضواء فوانيس الجاز، وكانوا يؤدون الصلاة علي أنوارها الضعيفة في المساجد، موضحا أن الأهالي كانوا ينتقلون إلى القرى على الدواب، وسيرا على الأقدام رغم خطورة الطرق ووعورتها من أجل إلقاء الخطب وتعليم الناس الصلاة وقراءة القرآن الكريم، وكانوا يتسابقون للحضور والسؤال عن أمور الدين. يقول زولي: «كنا نصلي في مساجد مبنية من القش، بدون فرش، على الرمل، وبعضها مفروشة بالحصير، وبين الثعابين والعقارب، وكنا نتوضأ من البلابل بمطاهر خاصة للوضوء، والبلابل لمن لا يعرفها عبارة عن آنية من الفخار مثل خزانات المياه اليوم، تجمع بها المياه في المساجد، والمطهر إناء خاص بالوضوء مصنوع أيضا من الفخار، ثم تحولت البلابل إلى سراديب تصنع من الفخار أكبر من البلبلة، وقد كنا في السابق نستقبل رمضان على أضواء فوانيس الجاز، ونؤدي الصلاة على أنوارها الضعيفة في المساجد، وكان يرافقني في الجولات على جوامع القرى الشيخ عبد الله بن حمود مطهري يرحمه الله، كما كنا نخطب الجمع في المساجد، ونعلم الناس الوضوء والصلاة عمليا، كما كنا نقرأ القرآن الكريم في حلقات على أضواء فوانيس الجاز، ومع هذا كانت تلك الأيام لها رونقها الخاص الجميل، تسودها المحبة والترابط بن الأسر والمجتمع، حتى أبناء الجيران الصغار يجتمعون جميعهم على وجبة الإفطار متناوبين كل يوم في منزل أحدهم، كان لا يخلو أي بيت من مسجد صغير من الطين خاص بالأطفال يجتمع به أطفال الجيران لوجبة الإفطار وبعد صلاة التراويح، وبعد ظهور القمر نتجه جميعنا إلى الوادي للعب «بكرة الغزالية»، التي تضرب بالعصي، حيث يقسم العدد إلى فرقتين، ويبدأ اللعب ويستمر حتى قبل موعد السحور بقليل، ثم نعود إلى المنازل، فيما كان آباؤنا يعرفون المواقيت بالنجوم، خاصة موعد السحور وأذان الفجر، ولا يخطئون في تلك المواعيد بدقيقة، إلا أن المعاناة كانت في السابق تتمثل في هطول الأمطار في الليل، إذ يصعب حينها إعداد السحور الذي يتكون من الحليب والذرة. ويضيف زولي: «أما الجلسات مع كبار السن في ليالي رمضان على ضوء القمر في السابق فهي لا تمل، تحتوي على قصص ذات عبر، وبعيدة عن الناس وأعراضهم، وكان الحديث عما كان يفعلوه الآباء والأجداد في أيامهم، التي مضت يتحدثون عن قساوة الحياة والظروف الصعبة، وكيف تغلبوا عليها». ويختتم الشيخ شريف حديثه، قائلا: «رمضان زمان رغم صعوبة الحياة المعيشية وبساطتها إلا أنه أحلى وأزين وأفضل؛ لأنه كان الحب عنوانه والتعاطف، والأخوة هي السائدة بن الجيران، فقد كان الكل يسأل عن حال أخيه المريض والمحتاج، وتكفي سفرة رمضان التي يجتمع عليها أهل الحي».