نقول إن المريض مصاب بقصور القلب إذا أصبح قلبه عاجزا عن المحافظة على ضخ الدم بالقدر المطلوب، فتتجمع السوائل في الرئتين، أو تحتقن الأوردة في العنق وينتفخ الجسم بالسوائل، ويظهر ذلك في انتفاخ الساقين والقدمين، ويشعر المريض بتعب وصعوبة في التنفس عند بذل مجهود عضلي، وقد تسوء الحالة إلى أن يشعر المريض بصعوبة التنفس حتى وهو جالس على كرسيه. وهناك مظهران مهمان لصعوبة التنفس في حالة قصور القلب، أحدهما أن يستيقظ المريض من نومه بسبب صعوبة شديدة في التنفس، محاولا الحصول على الهواء من أقرب طريق وبأسرع وسيلة، والثاني أن يشعر المريض بصعوبة التنفس عندما يستلقي على ظهره ويضطر لرفع رأس السرير أو استعمال وسادة إضافية ليتحسن نفسه. ولقياس صعوبة التنفس كمؤشر لتقييم حالة المريض يستعمل كثير من الأطباء تصنيفا لشدتها وضعه اتحاد القلب في نيويورك ((NYHA)) ويصنف صعوبة التنفس لدى مريض قصور القلب إلى 4 فئات: 1- مريض القلب دون تأثير على نشاطه الحركي. 2- مريض القلب ويحد ذلك قليلا من نشاطه الحركي، ويظهر أعراض قصور القلب عند النشاط الحركي العادي ولكن لا توجد أعراض في حالة الراحة. 3- مريض القلب ويحد ذلك من نشاطه الحركي بشكل كبير وتظهر أعراض قصور القلب من جهد أقل من العادي ولا توجد أعراض في حالة الراحة. 4- مريض القلب ويعيقه ذلك عن أداء أي نشاط حركي بدون مضايقة، وقد تحدث أعراض قصور القلب حتى أثناء الراحة. والدرجة الرابعة هي القصوى في هذا التصنيف وتزيد معها المضاعفات. وقد ينخفض ضغط مريض القصور وتبرد أطرافه. ومن العلامات الخطيرة في قصور القلب ظهور زرقة على الشفتين واللسان والوجه. وثمة أسباب مختلفة لقصور القلب ومن أهمها: ضيق شرايين القلب، واعتلال عضلة القلب، وارتفاع ضغط الدم وأمراض صمامات القلب. ويعد داء السكري مساويا لاعتلال شرايين القلب ومن أسباب قصور القلب المهمة، كما أن التدخين يتلف شرايين القلب ويضاعف تأثير كل هذه الأمراض فيعجل بقصور القلب. وبعد فحص الطبيب يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوص لتقييم حالة القلب مثل تخطيط كهرباء القلب، وأشعة الصدر وأشعة القلب الصوتية، والتأكد من وظيفة الكلية والكبد وأملاح الدم، وغيرها وهناك تحليل يساعد في تشخيص قصور القلب عند التباسه مع أسباب أخرى لتجمع السوائل في الجسم وهو تحليل (BNP). ويعد قصور القلب مرضا خطيرا يهدد حياة المريض إذا لم يتم علاجه، وقد انخفضت نسبة الوفيات منه في السنوات الأخيرة بدرجة كبيرة، بفضل الله، ويعالج قصور القلب بعلاج أسبابه مثل ارتفاع ضغط الدم وضيق شرايين القلب وإصلاح الصمامات، إذا كانت هي السبب، ولكن هناك أدوية إضافية لسحب السوائل من الجسم وتوسيع الأوعية الدموية لتسهيل الحمل على القلب، وقد ثبتت فعاليتها في تحسين صعوبة التنفس وتقليل نسبة الوفيات. وقد يكون القصور شديدا يصاحبه اضطرابات خطيرة في النبض قد تؤدي إلى الوفاة أو يسبب جلطات تهاجر القلب إلى الدماغ مسببة السكتة الدماغية وفي هذه الحالة يزرع في الجسم منظم كهربائي للنبض متصل بالقلب يعطيه صدمة كهربائية تعالج هذه الاضطرابات إذا حدثت، كما يعطى أدوية مسيلة للدم. ويوصى كل مريض بقصور القلب بأخذ تطعيم الانفلونزا الموسمية في شهر أكتوبر من كل عام، وذلك لأن الانفلونزا لها تأثير خطير على الرئة في هذه الفئة. وعلى كل مريض بقصور القلب استعمال أدوية بشكل دقيق مستمر كما أمر الطبيب، ويقلل الملح والدهون ويمارس الرياضة بتدرج يتناسب مع حالته، ولا يستخدم أي أدوية أو أعشاب قبل عرضها على الطبيب. وبعض مسكنات الألم مثل الفولترين والبروفين قد تحبس السوائل في الجسم وتزيد من قصور القلب فيجب الابتعاد عنها. كما ينصح مريض قصور القلب أن يتابع حالته كما يفعل مريض السكري، فيكون لديه سجل للأعراض التي يشتكي منها مثل صعوبة التنفس وانتفاخ الساقين والقدمين، كما ينبغي أن يسجل وزنه كل صباح بعد التبول وقبل الإفطار، ويقارن وزنه بالأيام السابقة والأسبوع السابق لاكتشاف زيادة السوائل في جسمه. وأنصح مريض قصور القلب وأهله بالذهاب إلى الطوارئ إذا حصل: ** ألم في الصدر لا يزول باستعمال الأقراص التي تحت اللسان. ** صعوبة شديدة في التنفس متواصلة. ** إذا فقد الوعي ولو لفترة بسيطة. كما ينصح بزيارة الطبيب أو الاتصال به في أقرب فرصة عند: ** تزايد صعوبة التنفس مما يحد النشاط الحركي أكثر فأكثر. ** كثرة الاستيقاظ من النوم بسبب صعوبة التنفس. ** الحاجة إلى وسائد إضافية تحت الرأس لراحة التنفس. ** تسارع نبضات القلب أو اضطرابها. ** زيادة الوزن 2 كجم خلال 3 أيام. وقد كتب د. حسان شمسي باشا ود. وقار أحمد من المستشفى العسكري بجدة تقريرا عن 86 مريض قلب في رمضان منهم 13 مصابا بقصور القلب الاحتقاني وكان فيهم ستة مرضى من الفئة الثالثة ((NYHA)) وليس بينهم أحد من الفئة الرابعة، ووجدا أن 86 % منهم تمكنوا من الصيام دون تأثيرات مهمة ودون تغيير في فئة التنفس ((NYHA)). وقد سجل د. السويدي وزملاؤه من قطر دخول مريض قصور القلب على مدى عشر سنوات ولم يجدوا زيادة مهمة في عدد الحالات التي دخلت المستشفى بسبب القصور في رمضان مقارنة بالشهر الذي يسبقه والشهر الذي يليه. وينصح العديد من أطباء القلب مرضى قصور القلب من الفئة الرابعة ((NYHA)) بعدم الصيام لحاجتهم لحفظ التوازن بين مدرات البول وتناول السوائل موزعة على وقت كاف، فيتناول كمية كبيرة من السوائل خلال وقت قصير قد يخل بهذا التوازن كما أن مدرات البول قد تسبب جفافا أثناء الصيام. وتفخر المملكة بوجود نخبة من أفضل أطباء القلب العالميين من أبنائها فليتهم يتبنون دراسة موسعة لهؤلاء المرضى في رمضان على مستوى دول الخليج لمعرفة التدبير الأفضل وتقديم النصيحة.