الإسراف والتبذير والإفراط في الاستهلاك ما هو إلا استسلام للشهوات والملذات، وانقياد للأهواء والرغبات، من غير مراعاة للمصالح، ولا تقدير للعواقب، ولا حفظ للمروءات، ولا مراعاة للحقوق. الإسراف عدو حفظ الأموال والموارد، وهو طريق الفقر والإفلاس، حفظ المال حفظ للدين والعرض والشرف، وقد قالت الحكماء: «من حفظ ماله فقد حفظ الأكرمين: الدين والعرض». وخاطب حكيم بعض أقربائه قائلا: «لئن تبيتوا جياعا لكم مال خير من أن تبيتوا شباعا لا مال لكم». وعمر الفاروق، رضي الله عنه، يقول: «الخرق في المعيشة أخوف عندي عليكم من العوز، ولا يقل شيء مع الإصلاح، ولا يبقى شيء مع الفساد، وحسن التدبير في المعيشة أفضل من نصف الكسب». ضياع الأموال وضعف الاقتصاد سببه الإسراف والتبذير والإفراط في الاستهلاك، وضبط اقتصاد الأمة وحفظ ثرواتها لا يتحقق إلا حين تكف أيدي العابثين من المسرفين والمفسدين هيئات ومؤسسات، وأسرا وأفرادا، وأكثر ما يكون أهمية في التنبيه عليه الحذر من الإسراف في هذا الشهر الكريم، الذي تكثر فيه هذه الظاهرة في ما يخص الموائد المختلفة، وقانا الله وإياكم هذه الآفة.