ربطتني بالدكتور بدر كريم رحمه الله علاقة امتدت لسنوات طويلة، تداخل فيها ما هو عملي مع ما هو شخصي، منذ اللحظة الأولى التي عملت فيها وتعاملت معها مع «عكاظ»، عندما كنت مراسلا لها في مدينة جازان، ومسؤولا عن مكتبها ايضا. في تلك الفترة وجدت نفسي أمام أسماء كبيرة وبارزة، منهم الدكتور بدر كريم، والذي كان يعمل نائبا لرئيس التحرير الدكتور هاشم عبده هاشم في تلك البدايات. لم اكن أصدق في البداية أنني أمام هذا الرجل عندما دخلت عليه في مكتبه في المبنى القديم للصحيفة، ذلك لأن لبدر كريم حضورا ودويا إذاعيا وإعلاميا لافتا، لقد كان نجم الإعلام الصوتي والمرئي الأول في ذلك الزمن الجميل. وأنا اعتبره أحد أشهر وأهم الأسماء في تاريخ الإعلام بشكل عام والإذاعة والتلفزيون بشكل خاص. كان لقائي به من البدايات المؤثرة في بداية عملي في الصحافة، والتي قدر لنا فيها كجيل جديد أن نرى أسماء كبيرة في «عكاظ»، بداية من معالي الأستاذ اياد مدني، الى الأستاذ رضا لاري رحمه الله، اضافة الى أسماء كبيرة كانت تزور «عكاظ» في مناسبات ثقافية، منهم الأساتذة الكبار محمد حسين زيدان، وعزيز ضياء، والمفكر أحمد الشيباني وآخرون رحمهم الله جميعا. عندما دخلت على بدر كريم في مكتبه لأول مرة، وجدت نفسي أمام شخصية متميزة، ذات صوت رخيم يمثل ذلك الصوت هويته بامتياز، ولأول مرة في حياتي ارى (الغليون) الذي كان يمثل أحد أبرز ملامح شخصيته، كنت حينها وأنا القادم من جازان أمام (غليون) بدر كريم و (السيجار الهافاني) لرضا لاري. انتقلت العلاقة من الزمالة الأولى مع هؤلاء الكبار إلى التجاور في الكتابة في الصحيفة. لقد كان يحرص على التدقيق اللغوي، وعلى وضع المفردات في مكانها الصحيح، والذي ينبغي أن تكون، وفي الموقع التي تعبر عنه. وكان لا يميل الى الآراء الشخصية والتعميمية والقطعية في مناقشة القضايا، وفي شخصنة هذه القضايا، أحب جازان وأحبوه من خلال برنامجه الشهير (طلابنا في الميدان)، حيث زار جازان في زيارة شهيرة للمنطقة وتجول فيها وكتب عنها آنذاك، وقدم حلقات لهذا البرنامج. واحدثت زيارته صدى كبيرا ومؤثرا. بدر كريم يمثل صفحة مضيئة وناصعة في تاريخ الإعلام السعودي. اذ تمّز بعصامية جعلت منه النموذج والمثال، وارتقى في عمله الإعلامي من مذيع ذائع الصيت الى أستاذ الإعلام في جامعة محمد بن سعود الإسلامية. ثم عضوا في مجلس الشورى لسنوات. ارتبط اسمه بجولات الملك الفيصل رحمه الله وزياراته التاريخية، وقد سجل هذه التجربة في كتابه (سنوات مع الفيصل) وكتب سيرته العملية والاعلامية في الجزء الأول من كتابه (أتذكر). أتذكره فأتذكر الجيل الذهبي للإذاعة والتلفزيون.