انطلقت بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، أمس، اجتماعات المكتب التنفيذي لوزراء الإعلام العرب، رأسها بالنيابة عن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر، الذي طالب بتفعيل القرارات الصادرة عن وزراء الإعلام العرب السنوات الماضية فيما يتعلق بالاستراتيجية الإعلامية العربية لمكافحة الإرهاب، التي أعدتها المملكة بالتعاون مع جامعة نايف للعلوم الأمنية، ووضع الآليات المناسبة لتنفيذها من خلال خطط تنفيذية للتصدي للغلو والإرهاب والأفكار المتطرفة. كما دعا الجاسر لتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي العربي، وتطبيق ما ورد في هذه الوثيقة لمجابهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة، مشدداً على أهمية تفعيل خطة التحرك الإعلامي العربي في الخارج والتي أعدت منذ سنوات لمخاطبة الآخر حيث رصد لها 21 مليون دولار في حينه. من جانبها، أوضحت الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بالجامعة العربية السفيرة الدكتور هيفاء أبو غزالة، أن الجامعة العربية أعدت خطة تنفيذية لتلك الاستراتيجية ستطرحها أمام الدورة الجديدة للمكتب التنفيذي لدراستها تمهيداً لطرحها أمام وزراء الإعلام العرب بعد غد، وأدرجت موضوع خطة التحرك الإعلامي في الخارج التي أقرها وزراء الإعلام العرب في 2006 بهدف تفعيلها، وأعدت دراسة لعرضها على الوزراء بشأن تدشين منصة إذاعية وتلفزيونية عبر شبكة الإنترنت بخلاف البوابة الإلكترونية الحالية باللغتين العربية والإنجليزية. من جانب أخر، بعث إعلاميون عرب عددا من الأسئلة عن أسباب ودوافع تشويه صورة العربي في إعلام الآخر، وطالبوا بمناسبة انعقاد المكتب التنفيذي لوزراء الإعلام العرب، وزارات الإعلام بتحقيق الاستقلالية لنفسها وتوظيف الثقافة لخدمة الوطن من خلال الإعلام ومنح المزيد من الحريات وإبراز الوجوه المشرقة والمبرزة من الشخصيات العربية المائزة في المحافل الدولية والمبدعة في خدمة البشرية مع تأهيل العاملين في الحقل الإعلامي، أبرز تلك الأسئلة: كيف يمكن تحسين صورتنا في الإعلام الغربي؟. من جانبه، دعا الإعلامي الأردني الدكتور نصر المجالي، إلى تدشين حملة إعلامية على الطرف الآخر من العالم لإقناعه بنا وبعدالة قضايانا، كون المطلوب هو بحث معمق في ساحتنا العربية أولا فهي مكمن الخلل، ويذهب إلى أن من أسباب الخلل هو أن مجتمعاتنا لا تزال رهينة عقلية محافظة منطوية لا تريد التحاور مع الآخر لا بل أنها ترفضه، وتبعا لذلك فإن وسائل الإعلام العربية صارت رهنا لمثل هذه العقلية وهي بالتالي ستظل قاصرة مهما كانت الوسائل والأساليب عن إيصال رسالة الإقناع ما دامت عقلية الرفض قائمة وتحتل العقول، ويؤكد أنه لا يعقل في حال التشرذم العربي والانقسام والفتن الطائفية والحروب أن تقنع الآخر بعدالة قضيتك وأهم نجاح لخطة إعلامية ناجزة هي توحيد (العقول) قبل الأهداف والخطط، مشيرا إلى أن المطلوب من صانعي القرار العرب قبل التفكير بإطلاق مؤسسات وإذاعات وتلفزيونيات تخاطب الغرب الذي عنده من وسائله الكثير البدء بالتنسيق مع الجبهة الدبلوماسية العربية المتواجدة في الغرب عبر السفارات والقنصليات العديدة للتأكيد على مشاركة السفارات والهيئات العربية الإعلامية المتواجدة في الغرب في المؤتمرات والمنتديات التي تقام في عواصم الغرب والحرص على عدم تغييب أي نشاط مهما كان سواء كان متعلقا بالسياسة أو البيئة أو المناخ والصحة وغيرها. أما مدير تحرير صحيفة «اليوم السابع» ناصر عراق، فقال: «هناك بدهية تقول إن المجتمع القوي اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا يفرض ثقافته وإعلامه وفنونه على المجتمعات الأضعف بشكل مباشر أو غير مباشر، ونحن للأسف نعاني في بلادنا العربية من أوضاع متخلفة ومخزية، الأمر الذي ينعكس بدوره على الإعلام، فلا أحد في الغرب يهتم بمتابعة إعلامنا المرئي والمقروء والمسموع»، ويرى أنه يجب أن نصحح أوضاع إعلامنا العربي أولا حتى يمكن له أن يقدم صورة مقبولة لمجتمعاتنا ينقلها عنه الإعلام الغربي وهو مطمئن، ويرى أن أولى الخطوات التي يجب أن نتخذها هو تحرير الإعلام من سطوة البيروقراطية الحكومية ومنحه الحريات كافة لينطلق مع الأخذ في الاعتبار أن، هذا الأمر يستلزم إطلاق الحريات السياسية وحماية حرية الفكر والإبداع وفق ضوابط، كما يجب أن يتولى شؤون الإعلام ويعمل في أجهزته مجموعة متميزة موهوبة من الإعلاميين حتى تستطيع أن تقدم للشعوب العربية وجبات دسمة مفيدة وممتعة من المواد الإعلامية المختلفة. ويذهب الخبير الإعلامي الدكتور عبدالله الكعيد إلى أنه إذا كانت الصورة التي تعنونها صورة المواطن العربي بشكل عام فلا أعتقد بالإمكان تصحيحها إعلاميا ما لم يتم تعديلها سلوكيا كوعي جمعي يمارس على أرض الواقع من الجميع دون أخذ من شذ في الاعتبار وبعدها يمكن محاولة تغيير الصورة السلبية المنمطة عن العرب من خلال إبراز نماذج مشرقة في المحافل الدولية والمهرجات الثقافية والتجمعات الشبابية والمشاركات المسرحية وغيرها، ويرى الكعيد أن صورة مسلك المواطن السعودي لم تواكب صورة السعودية سياسيا فالمواقف السياسية للمملكة حيال الأحداث العالمية مشهودة ومقدرة عالميا وهذا يحسب لنا لا علينا ولا أعتقد أننا بحاجة لتحسينها إعلاميا رغم محاولة التشويش البليد من قبل من أرقهم صعود نجم بلادنا عالميا بعد عاصفة الحزم، وأضاف ينبغي أن يتمتع الإعلامي العربي بالحرية أثناء ممارسته لعمله كما يجب أن يتوفر له حياة كريمة ودخل معقول يحميه من الانزلاق في مستنقع الرشوة أو الابتزاز. فيما يوجه مدير تحرير صحيفة «الشرق» حبيب محمود سهام النقد لأداء الإعلام العربي ويلفت إلى أن أداء الإعلام العربي ليس مقنعا بما يكفي لتمثيل صوتنا وصورتنا في العالم كونه إعلاما مكتوبا سلفا قبل النشر، ومحاسب بقوانين غير إعلامية ومراقب حكوميا على نحو يجعل منه هامشا ضيقا لممارسة الحرية ما يعد انعكاسا لواقعنا السياسي والاجتماعي.