عندما يأتي لأحد منا قليل من المال، فإن أول ما نفكر به هو استهلاكه بطريقة سلبية وإنفاق الأموال على سلع كمالية بشكل فيه نوع من المبالغة والإسراف لإشباع احتياجات غير ضرورية، فثقافة الاستهلاك أصبحت المهيمنة على كثير من الأسر السعودية والعربية، والقليل من الناس من يفكر في جمع المال لاستثماره، وعندما يفكر في الاستثمار، فإنه قد يتجه إلى صناديق الاستثمار المشتركة أو يشتري أسهما. لكن الأغنياء الحقيقيين لا يفعلون ذلك، بل إنهم غالبا ما يضعون أموالهم في عقارات أو شركات أو غير ذلك من الاستثمارات التي يحلم بامتلاكها الآخرون، وهو ما يميزهم عن الآخرين ويبقيهم في وضع مالي جيد، وهؤلاء الأغنياء يقومون باستمرار بزيادة أموالهم عن طريق شراء شركات جديدة أو عقارات أو الاستثمار في أوراق مالية غير اعتيادية تعطي عائدات ضخمة إلى أن يصبحوا أثرياء، كما يتميز الكثير من الأثرياء بزيادة ثروتهم عن طريق امتلاكهم لشركات أو المساهمة بنسبة كبيرة في شركات كبرى ذات عائدات جيدة. وتتنوع معظم استثماراتهم في مجالات العقارات، والخدمات، والتقنيات، والمقاولات، وضمت قائمة أثرياء العالم 100 ثري عربي لعام 2015 من 12 دولة مسجلين ثروة تقدر ب174.37 بليون دولار، منهم 41 ثريا سعوديا فيهم 11 بليونيرا و30 مليونيرا، ويتصدر قائمة أثرياء العرب الأمير الوليد بن طلال بصافي ثروة بلغ 22.6 بليون دولار. كما عرضت القائمة القطاعات والصناعات التي حققت الثروة للأثرياء، وهي قطاع التجزئة وقطاع المصارف والخدمات المالية وقطاع العقارات والإنشاءات، وغيرها من المجالات الأخرى. ولا شك أن التطورات الاقتصادية التي شهدها الاقتصاد العالمي خلال السنوات القليلة الماضية وارتفاع أسعار النفط ساهمت بشكل مباشر في ارتفاع نسبة الأغنياء في كل دولة، ومنها المملكة التي شهدت طفرة اقتصادية شاملة ساهمت في اتساع طبقة الأغنياء التي تضم حاليا أكثر من 60 ألف مليونير بثروات تقدر بنحو 3 تريليونات ريال. العديد من العوامل الخارجية ساهمت في نمو أصحاب الثروات في المملكة، منها النمو الاقتصادي القوي والتوسع السكاني الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات والعقارات، بالإضافة إلى الإعفاءات الحكومية من الضرائب وغيرها من العوامل. ولا يخفى على أحد أن هناك بعض النماذج المشرفة من رجال الأعمال الأثرياء الذين أدركوا دورهم الديني والاجتماعي والوطني وساهموا بشكل فعال في المسؤولية والتنمية الاجتماعية، إلا أن البعض الآخر من المنضمين لنادي الأثرياء يحتاجون إلى ارتفاع مستوى الوعي لديهم، وأن يدركوا مسؤولياتهم الاجتماعية والأخلاقية تجاه مجتمعهم ووطنهم الذي قدم ولا يزال يقدم لهم الكثير، فهناك الكثير والكثير من الأعمال الخيرية تحتاج إلى وقفة الرجال الصادقين الشاكرين لنعم الله.