شكرا للملك سلمان بن عبدالعزيز، صاحب الخبرات المتراكمة، والحسابات الدقيقة، والشجاعة المشهودة، الذي وجه رسالة التقطها العالم كله دون استثناء، حين أصدر أوامره بانطلاق «عاصفة الحزم» ضد القوى المتمردة التي استسهلت – من خلال طموحاتها غير المشروعة – فكرة الاعتداء الصارخ والمكشوف على الأمن القومي العربي، وزين لها الغرور الطائش أنها يمكن أن تنقل العدوان الطائش إلى البحر الأحمر الذي هو خط التواصل العالمي عبر قناة السويس، بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، وخط التجارة العالمية، وممر الأمن الشامل لهذه المنطقة والعالم، وطوال الشهور الماضية وأنا أتابع الحوثيين في اليمن الذين كان آباؤهم أكثر حكمة وعمقا منهم ألف مرة، يتخطون الخطوط الحمراء، ويدخلون أنفسهم في لعبة إقليمية ودولية ساحقة، دون أن يتضح إن كانوا يعرفون ما الذي يفعلونه أو لا يعرفونه. القرار السعودي الشجاع بإطلاق «عاصفة الحزم» تطلب صبرا يفوق الصبر نفسه، وتطلب تقدير موقف سياسي وأمني وعسكري، وتطلب استثمار الوقت إلى أعلى مستوى. كما أن القرار السعودي، الخليجي، العربي، بانطلاق «عاصفة الحزم» تطلب أيضا مشاورات مع مفردات النظام الإقليمي العربي من المغرب إلى الكويت بما في ذلك بالطبع، مصر والأردن والسودان على مداخل البحر الأحمر الشمالية، والمجموعة الخليجية، والباكستان له معنى خاص، ومشاورات مع مفردات المجتمع الدولي، ولكن تحت عنوان محدد وهو أن المملكة أبرز قلاع الأمن القومي العربي لا تستطيع أن تنتظر أكثر، ولا تستطيع أن تسمح للتقدم الحوثي بتحالفاته المعروفة أن يتقدم أكثر، ولذلك جاء الموقف الأمريكي والأوروبي، بالاستجابة إلى الضرورات الملحة. لأن المملكة على رأس أشقائها العرب هي التي قدرت الخطر، وحجم التحدي، وهي التي قررت الاستجابة بهذا القدر من الإعداد الجيد، والحشد المناسب، والتوقيت الحاسم، وليس إضاعة الوقت في التأويل انتظارا لمصالح الآخرين. إذن جاء القرار الحاسم، في التوقيت الحاسم، على يد الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحلف إقليمي وعربي ناضج، وبانتباه شديد من القوى الدولية التي تعرف بدقة أن أمن البحر الأحمر لا يتحقق إلا بإرادة المملكة وحلفها القوي، وأن أمن قناة السويس كمعبر لأهم تجارة دولية في التاريخ إلا برضى مصر وحلفها العربي، وبالنسبة للحسابات الاستراتيجية، فإن الدول الكبرى تجيدها تماما، ولذلك جاء رد الفعل على «عاصفة الحزم» سريعا جدا، وواضحا، وإيجابيا، وها نحن أمة تستطيع أن تأخذ قرارات صعبة وبالغة الأهمية، ووظيفة القمة أن تعطي لآليات القرار العربي الاستراتيجي كل عناصر الثبات والديمومة.