خرج الدجاج في صباح باكر من القن للتشمس والتقاط ما يسر الله من حب منثور أو بقايا مائدة فطور وفجأة اقتربت حدأة من الدجاج فكان الديك الأكبر أول الهاربين واختبأ تحت بيت الدرج فضحكت الدجاجات عليه وعاتبنه قائلات معقولة تخاف وأنت أكبرنا، فرد عليهن (أخرعتني وأنا صغير) فكان الجواب مسكتا، ومن الحكمة عدم تعريض النفس للمخاطر والتهلكة. وسعيد العولمي كل ما حاولت الاستعانة به في طرح أسئلة على مسؤول كسول، يرد: بالله حل عني يا ولد الحلال الأسئلة أوردتني المهالك، واسترسل كعادته عند استلهام الحنين قائلا: ذات صباح ألبستني أختي ثوبا أبيض ولفت على رأسي عمامة كروشيه ووضعت في الخبا (المخلاة) شتفة من خبزة شعير وأردفتني وراء جارنا فوق المشدود وكنت من الرهبة التصق به وأشدد يدي على بطنه مخافة السقوط، وأضاف أنزلني الجار عند باب المدرسة ودخلت ولقيت الطلاب فوق الهدم يدرسون وهم جلوس على الخوص، وافتتح معلم الدين الدرس في التوحيد لطلاب ثالثة ابتدائي عن عذاب القبر وذكر مما ذكره أن عذاب الميت تسمعه كل الكائنات عدا الإنس والجن، قال العولمي: فنغزني الشيطان، وقلت: لماذا لا يسمع الثقلان عذاب القبر ليكون أدعى للتربية والاستقامة والحذر من مضلات الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن؟ ولم يكد ينتهي حتى تفازع ثلاثة فتوات أوسعوه ركلا وضربا وشتما وخرج من المدرسة بلا خبزة ولا عمامة مع أن أهله سرحوه معمما، من يومها وسعيد نافر من طرح الأسئلة، وعندما سمع قصة الديك أعجبته، واستعاد قصة دجاجة وديكه مؤكدا أنه كان يجمع البيض ليبيعه على المدرسين العرب الوافدين إلى القرية ولفت انتباهه في حينها أن الديك لا يقبل معه شريكا في الدجاجات ويعقد مقارنة بين الديك العربي وديك مزارع الدواجن الخالي من الغيرة وأغلقت سماعة الهاتف وهو يردد «الدجاجة ما تصلي مير توذي الناس بالأذان».. وسلامتكم.