في ظل ما تزخر به الباحة من موروثات متنوعة، والآثار المنتشرة وبشكل واضح يلفت إليها نظر زوارها ومصطافيها، حيث يجد السائح نفسه أمام الماضي الذي يجسد حقبا زمنية لتاريخ المنطقة، يعد التراث العمراني والحصون والقلاع والقرى المبنية بالحجر، كنافذة مطلة على الماضي، إذ لا تخلو ناحية من نواحي المنطقة من وجودها، والأجمل في هذا السياق هو أن تطوير وتأهيل تلك الحصون والقرى يأتي على يد المواطن الذي يتحول تدريجيا نحو المشاركة الفاعلة في البناء وهو ما أفرز العديد من المبادرات الإيجابية التي يأتي على رأسها تلك التي شهدتها قرية ثمران بالشعراء الواقعة في تهامة الباحة حين قام بادي محمد حسن غلة وإخوانه بإعادة ترميم أحد الحصون الذي اشتهر صاحبه بالجود والكرم وتم افتتاح حصن بادي بقرية القريعة بوادي ثمران بعد انتهاء أعمال الترميم مؤخرا. وأوضح التربوي محمد بن طفاف الزهراني أن الهدف من هذه المبادرة ترسيخ الثقافة التراثية في الجيل الجديد، وتعزيز الهوية الوطنية، والقيم والعادات الأصيلة، مؤكدا أهمية المحافظة على الموروث الحضاري. وأضاف: إن إحياء التراث ضرورة وواجب وطني يجب أن يتعاون فيه الجميع، وتتضافر من أجله كافة الجهود الحكومية والأهلية، منوها بأن التراث يمثل شواهد تاريخية تبرز عراقة الماضي وأصالة تاريخ المنطقة التي خلدها الأجداد. وبين أن الحصن يسمى «بادي» على اسم الولد الذي رزق به الشيخ بن غلة رحمه الله في ذلك الوقت، لافتا إلى أن عمر الحصن حوالى 150 سنة تقريبا. ويرى أحمد بن حميد أن هذه الخطوة تأتي وفاء للماضي إنسانا ومكانا من أحد أبناء هذا الجيل عرفانا وتثمينا للأجداد ولشخص الشيخ بن غلة، مضيفا : من الممكن تحويله إلى مزار سياحي يدر دخلا، وفور الانتهاء من ترميمه وتأهيله أقيم احتفال شعبي بالمناسبة تعبيرا عن الفرح بما تم إنجازه وسط حضور شعبي في مقدمتهم مدير فرع هيئة الآثار والسياحة بالباحة زاهر الشهري الذي أثنى على هذه البادرة المتميزة التي تؤكد ارتفاع معدلات الوعي المجتمعي بالآثار، مؤكدا أنها بادرة لافتة. حضر الحفل مشايخ وأعيان قبائل زهران من الحجاز وتهامة، ورعاه وكيل إمارة الباحة للتطوير الدكتور فيحان العتيبي.